الثالث:أنه لو انتقل نفس إلى بدن لزم أن تجتمع فيه نفسا منتقلة[1]و حادثة، لأن حدوث النفس عن العلة القديمة يتوقف على حصول الاستعداد
في القابل.
أعني البدن. و ذلك بحصول المزاج الصالح، و عند حصول الاستعداد في
القابل[2]، يجب حدوث النفس، لما تقرر
من لزوم وجود المعلول عند تمام العلة، لا يقال: لا بد مع ذلك من عدم المانع، و لعل
تعلق المنتقلة مانع، و يكون لها الأولوية في المنع بما لها من الكمال.
لأنا نقول: لا دخل للكمال في اقتضاء التعلق، بل ربما يكون الأمر
بالعكس، فإذن ليس منع الانتقال للحدوث، أولى من منع الحدوث للانتقال.
و اعترض على الوجوه الثلاثة بعد تسليم مقدماتها، بأنها إنما تدل على
أن النفس بعد مفارقة البدن، لا تنتقل إلى بدن آخر إنساني. و لا يدل على أنها لا
تنتقل إلى حيوان آخر من البهائم و السباع و غيرهما، على ما جوزه بعض التناسخية، و
سماه مسخا، و لا إلى نبات على ما جوزه بعضهم و سماه فسخا، و لا إلى جماد على ما
جوزه آخر، و سماه رسخا، و لا إلى جرم سماوي على ما يراه بعض الفلاسفة.
و إنما قلنا: بعد تسليم المقدمات، لأنه ربما يعترض على الوجه الأول،
بمنع لزوم التذكر، و إنما يلزم لو لم يكن التعلق بذلك البدن شرطا[3]، أو الاستغراق في تدبير
البدن الاخر، مانعا. أو طول العهد منسيا.
و على الثاني. بمنع لزوم التساوي، و إنما يلزم لو كان التعلق ببدن
آخر لازما
غيّر الجدة من آياتها خرق الريح و طوفان المطرقال الخليل بن
أحمد، و قد شبه العجاج ظلام الليل بذلك فقال:
حتى إذا ما يومها تعبعبا و عم طوفان الظلام الأثأباو الطوف: قرب
ينفخ فيها ثم يشد بعضها الى بعض فتجعل كهيئة السطح يركب عليها في الماء و يحمل
عليها و هو الرمث، و ربما كان من خشب.