الباري تعالى للأشياء، على أن ما ذكروا لو تم فإنما يدل على تناهي
الانقسامات لا على حصول الأجزاء بالفعل.
«إثباتجوهر في الجسم لا يقبل الانقسام»
قال (و ثانيهما) [إثبات جوهر في الجسم لا يقبل الانقسام أصلا و فيه
وجوه:
منها ما يبتنى على استلزام قبول الانقسام حصول الانقسام، كقولهم إن
اللّه قادر على أن يخلق في أجزاء الجسم الافتراق بدل الاجتماع. فثبت الجزء إذ لو
بقي قبول التجزي بقي الاجتماع، و كقولهم لو لا الجزء لما كان الجبل أعظم من
الخردلة، لاستواء أجزائهما، لكونهما غير متناهيين و اعترض بأن الاستواء في عدد
الأجزاء لا في مقاديرها.
و أجيب بأن تفاوت المقادير بتفاوت الأجزاء قطعا. و قد يدعى أن
الاستواء في الأجزاء الممكنة أيضا محال، و كقولهم لو لم ينته انقسام الجسم إلى ما
لا امتداد له أصلا لزم عدم تناهي امتداده، لتألفه من امتدادات غير متناهية، و منها
ما يبتني على أن للحركة حصولات متعاقبة، و الزمان آنات متتالية، كقولهم: الموجود
من الحركة و الزمان هو الحاضر، لأن الماضي إنما وجد حين حضر، و المستقبل إنما يوجد
حين يحضر، و الحاضر من غير قار الذات لا ينقسم، فكذا ما ينطبق هو عليه من المسافة[1]، و منها ما يبتنى على أن
محل النقطة جوهر لا يقبل الانقسام لقولهم النقطة موجودة، لأنها طرف الخط الموجود،
و بها تماس الخطوط. فإن كان جوهرا فذاك، و إن كان عرضا كان بالذات، أو بالواسطة،
حالا في جوهر لا ينقسم، لئلا يلزم انقسام النقطة. و كقولهم: إذا وضعنا كرة حقيقية
على سطح مستو إن قام خط على خط كانت المماسة بما لا ينقسم، ثم إذا أديرت الكرة
بتمامها على السطح، و مر