[قال
(المبحث الثاني)كل من الأربعة ينقلب إلى المجاور بخلع صورة، و لبس أخرى، و يسمى
الكون[1]و الفساد، ففيما بين النار و الهواء ظاهر، و فيما بين الهواء و
الماء، كما في غليان الماء و حصول القطرات على الإناء المكبوب على الجسد، و فيما
بين الماء و الأرض، كما في تسييل الأحجار بالجبل، و انعقاد مياه بعض العيون أحجارا،
فهذه ستة أنواع، و إذا اعتبر فيما بين غير المتجاورين جعلت أربعة بواسطة، و اثنين
بواسطتين].
زعموا أن هيولى العناصر مشتركة، قابلة لصورها النوعية، و خصوصيات
الصور، إنما هي بحسب الاستعدادات الحاصلة بالأسباب الخارجة، فعند تبدل الأسباب
الخارجة[2]، و الاستعدادات يجوز أن
تزول صورة، و هو المراد بالفساد، و تحدث صورة[3]أخرى و هو المراد بالكون. و هذا معنى انقلاب عنصر إلى آخر، و قد علم
أن النار فوق الكل، و تحتها الهواء ثم الماء ثم الأرض، و كل من الأربعة
[1]الكون بالمعنى الخاص: هو حصول الصورة
في المادة بعد أن لم تكن حاصلة فيها، و هو عند ارسطو تحول جوهر ادني الى جوهر أعلى
و يقابله الفساد. لأن الفساد زوال الصورة عن المادة بعد أن كانت حاصلة.
و الكون، و الثبوت و الوجود، و التحقيق عند الأشاعرة ألفاظ مترادفة
أما عند المعتزلة فالثبوت أعم من الوجود، و الثبوت و التحقق عندهم مترادفان و كذا
الكون و الوجود.
و الكون بمعنى ما مرادف للتكوين، و هو تركيب الشيء بالتأليف بين
أجزائه أو اخراجه من العدم الى الوجود، و يعبر عنه بالخلق و التخليق و الاحداث و
الاختراع و الابداع، و الصنع، و التصوير، و الاحياء، و جميع هذه الالفاظ متقاربة،
و سفر التكوين أحد اقسام العهد القديم يصف كيفية تكوين العالم.