[قال
(المبحث الرابع)توهموا لكل موضع من الأرض دائرة على الفلك، فاصلة بين الظاهر منه و
الخفي، سموها دائرة الأفق، و قطباها سمت الرأس و القدم. فإن كانا قطبي العالم
انطبق الأفق على المعدل، و إلا كان مقاطعا له، إما على زوايا قوائم، و يسمى أفق الاستواء،
أو غير قوائم، و يسمى الأفق الماثل، و أخرى مارة بسمتي[1]الرأس و القدم، و قطبي العالم، سموها دائرة، نصف النهار، و قطباها
نقطتا المشرق و المغرب].
هذه دوائر توهموها بملاحظة السفليات ينتفع بها في استخراج القبلة، و
اختلاف البلاد في طول النهار و قصره، و غير ذلك من الخواص، فمنها دائرة الأفق و هي
الفاصلة بين الظاهر من الفلك، و الخفي منه. فإن اعتبرت بالنسبة إلى مركز الأرض
فأفق حقيقي، و الدائرة عظيمة، أو إلى وجه[2]الأرض، فأفق حسي و الدائرة قريبة من العظيمة، و هما متوازيان و
قطباهما سمت الرأس و سمت القدم. أعني طرفي خط يمر على استقامة قامة[3]الشخص بمركز الأرض، و ينفذ في الجهتين إلى محيط الكل، و الظاهر
بالأفق الحسي أقل[4]من الخفي بقدر ما يقتضيه نصف قطر الأرض، و إنما يحس بالتفاوت في فلك
الشمس، و ما دونها. إذ ليس للأرض بالقياس إلى ما فوقها قدر محسوس، و الدوائر
الصغار الموازية للأفق فوق الأرض تسمى مقنطرات[5]الارتفاع، و تحتها مقنطرات الانحطاط، فإن كان قطبا الأفق،