[قال
(المبحث الثاني)زعموا أن المحدد تاسع الأفلاك بمعنى قيام الدليل على وجود التسعة، و
إن جوز بعضهم ردها إلى الثمانية بل السبعة].
قد انجر الكلام هاهنا إلى ذكر جمل من علم الهيئة[1]الباحث عن أحوال الأجسام[2]البسيطة
العلوية و السفلية من حيث كمياتها، و كيفياتها، و أوضاعها و حركاتها اللازمة لها،
لأن بعض ذلك مما ينتفع به في الشرعيات، كتعدد المشارق و المغارب، و اختلاف
المطالع، و أمر القبلة، و أوقات الصلاة، و غير ذلك، و بعضه مما يعين على التفكر في
خلق السموات و الأرض المؤدي إلى مزيد خبرة ببالغ حكمة الصانع، و باهر قدرته و بعضه
مما يجب التنبه لفساده، فيحكى كذلك و هذا العلم فيما بينهم أيضا، يذكر على طريق
الحكاية، عن علم آخر فيه براهينه يسمونه[3]المجسطي، فلا بأس إن اقتصرنا على مجرد الحكاية، لكن على وجهها إن شاء
اللّه تعالى، لا كما وقع في المواقف. فيتعجب من له أدنى نظر في هذا الفن من قلة
اهتمام الحاكي بالمحكي، و يتخذ ذلك مغمزا على المتصدي لتحقيق العلوم الإسلامية،
فنقول لما وجدوا الشمس و القمر و سائر الكواكب متحركة
[1]علم الهيئة أحد الأقسام الأصلية
للحكمة الرياضية، و يعرف فيه حال أجزاء العالم في أشكالها و أوضاع بعضها عند بعض و
مقاديرها و ابعاد ما بينها، و حال الحركات التي للافلاك، و التي للكواكب و تقدير
الكرات و القطوع و الدوائر التي بها تتم الحركات و يشتمل عليها كتاب المجسطي
(رسالة ابن سينا في أقسام العلوم العقلية تسع رسائل في الحكمة و الطبيعيات الرسالة
الخامسة، ص 111- 112)