(قال:المبحث الأول: العلة[1]ما
يحتاج إليه الشيء[2]،و إن كان إطلاقها
ينصرف إلى ما يصدر عنه الشيء، ثم إن كانت داخلة في الشيء، فوجوبه معها، إما
بالفعل فصورية، و إما بالقوة فمادية، و يدخل فيهما الجزء من الصورة[3]و المادة، و بذكر الوجوب يندفع أن الوجود قد يكون مع المادة بالفعل
لا بالقوة، إلا أنه يرد الجزء الغير الأخير من الصورة جمعا منعا، إن كانت خارجة،
فالشيء إما بها ففاعلية، أو لها فغائية، و يقال للأولين علة الماهية، و للآخرين
علة الوجود، و مرجع الشروط و الآلات إلى الفاعل، و من الشروط ما هو عدمي كزوال
المانع، و لا يستحيل دخوله في علة الوجود، بمعنى أن العقل، إذا لاحظ وجود المعلول،
لم يجده حاصلا بدونه.
و قد يقال: إنه في التحقيق كاشف عن شرط وجودي كزوال الرطوبة
لاحتراق الخشبة ينبئ عن اليبوسة التي هي الشرط و ليس عدم الحادث من مباديه إلا
بالعرض).
[1]العلة في اللغة: عرض مؤدي للبنية
الجسمية و لما كانت بهذا المعنى سببا في تأثير الجسم بالأذى و في اتصافه بذلك
الأذى نقلت عرفا لمطلق ما يكون سببا في تحقق الشيء فهو عرفا.
[3]إذ لا يجب حصوله مع ذلك الجزء لصحة
حصوله بلا وجود للمعلول و ذلك كجزء صورة السرير المقصود حصوله على التربيع مثلا
فإن أحد أضلاعه الأربعة جزء من مجموع ما تحصل به صورته و لا يجب معه السرير لصحة
حصوله مع التثليث و لا يجب السرير على ذلك التقدير حتى يحصل مجموع التربيع فيجب
بالفعل.