أو الوضع أو عدم التركيب،[1]فإنه
اختصار مخل، و العذر بأنه لم يقيد بباقي المحتملات لظهور بطلانها ظاهر البطلان،
لأن قولنا: سوء التركيب إما مقدار يخل بالأفعال، أو عدد أو وضع أو انسداد مجرى
كذلك ليس بيانا للمحتملات، بل للانقسام فليفهم، و تقرير الجواب بعد تسليم كون
التضاد حقيقيا أن تقسيم المرض إلى سوء المزاج، و سوء التركيب و تفرق الاتصال
تسامح، و المقصود أنه كيفية نفسانية تحصل عند هذه الأمور و تنقسم باعتبارها، و هذا
ما قيل إنها منوعات أطلق عليها اسم الأنواع، و ذلك كما يطلق الصحة على اعتدال
المزاج، أو المزاج المعتدل أنه من المحسوسات.
الواسطة بين الصحة و المرض
(قال:
(ثم المعتبر) في المرض إن كان عدم سلامة جميع الأفعال لم يثبت الواسطة
و إن كان آفة الجميع يثبت).
قد اختلفوا في ثبوت الواسطة[2]بين الصحة و المرض، و ليس الخلاف في ثبوت حالة، و صفة لا يصدق عليها
الصحة و لا المرض كالعلم و القدرة و الحياة إلى غير ذلك، مما لا يحصى بل في ثبوت
حالة لا يصدق معها على البدن أنه صحيح أو مريض، بل يصدق عليه أنه ليس بصحيح و لا
مريض فأثبتها جالينوس[3]كما
للناقهين و المشايخ و الأطفال، و من ببعض أعضائه آفة
[2]الواسطة: عند الأصوليين قسمان:
الواسطة في الثبوت، و هي أن يكون الشيء واسطة أي علة لثبوت وصف لشيء آخر في نفس
الأمر.
الواسطة في الإثبات و هي ما يقرن بقولنا: (لأن) حين يقال: لأنه كذا
فذلك الشيء الذي يقرن بقولنا: (لأنه) هو الواسطة في الإثبات مثل قولنا: العالم
حادث لأنه متغير، فالمتغير هو الواسطة.
[3]جالينوس: هو أشهر الأطباء اليونانيين
القدماء بعد أبقراط. قال سليمان بن حسان المعروف بابن جلجل. كان جالينوس من
الحكماء اليونانيين الذين كانوا في الدولة القيصرية بعد بنيان رومية، و مولده و
منشؤه (بغرغامس) و هي مدينة صغيرة من جملة مدائن آسيا شرقي قسطنطينية، و كان
جالينوس في دولة نيرون قيصر، و هو السادس من القياصرة الذين ملكوا رومية. و طاف
جالينوس البلاد و غزا مع ملك رومية لتدبير الجرحى و كانت له مجالس عامة خطب فيها و
أظهر من عمله بالتشريح ما عرف به فضله و بان عمله. من كتبه (الكيموس) و (علاج
التشريح).