و بيانها في مباحث: المبحث الأول القوة و هي صفة تكون مبدأ التغير في
آخر من حيث هو[2]آخر، إما مقارنة للقصد أولا. و كل مهما إما مختلفة الآثار أو لا، فالأولى
القوة الحيوانية و الثانية الفلكية، و الثالثة النباتية، و الرابعة العنصرية، و
ليس الكلام في الصور النوعية و النفوس لأنها من قبيل الجواهر، و المعتبر في كون
القوة قدرة إما مقارنة القصد أو اختلاف الآثار، و لهذا قيل: صفة تؤثر وفق الإرادة،
أو يكون مبدأ لأفعال مختلفة، فالمشتملة عليهما قدرة اتفاقا كالقوة الحيوانية، و
الخالية عنهما ليست بقدرة اتفاقا كالقوى العنصرية، و المشتملة على إحداهما
[1]القدرة: هي القوة على الشيء، و هي
مرادفة للاستطاعة، و الفرق بينها و بين القوة أن القوة تضاف إلى العاقل و غير
العاقل فتكون طبيعية و عقلية كما في قولنا: قوة التيار. و و قوة الجسم و قوة
الخيال، على حين أن القدرة لا تضاف إلا إلى الكائنات العاقلة كما في قولنا، قدرة
المربي، و قدرة الحاكم، و قدرة الإرادة، و القدرة في الاصطلاح: صفة الإرادة. و قد
نفى جهم ابن صفوان كل قدرة عن الانسان. و قال: لا قدرة له أصلا و هذا غلو في
الجبر. أما المعتزلة فيقررون وجود القدرة و يقولون: إنها صفة يتأتى منها الفعل
بدلا من الترك، و الترك بدلا من الفعل. و أما الرازي فإنه يطلق القدرة على مجرد
القوة التي هي مبدأ الأفعال الحيوانية المختلفة، أو على القوة الجامعة لشرائط
التأثير.