هذا شأن المتخالفين كالسواد المخالف للحلاوة، و تجتمع مع ضدها الذي
هو الحموضة و مع خلافها الذي هو الرائحة فيلزم جواز اجتماع إرادة الشيء مع إرادة
ضده لأن كراهة الضد إرادة الضد.
و أجيب بأن عدم الاتحاد لا يستلزم أحد الأمور الثلاثة.
سلمناه، لكن لا نسلم جواز اجتماع كل من المتخالفين مع ضد الآخر لجواز
أن يكونا متلازمين، و امتناع اجتماع الملزوم مع ضد اللازم[1]ظاهر أو ضدين لأمر واحد كالشك للعلم و الظن، فاجتماع كل مع ضد الآخر
يستلزم اجتماع الضدين. و عورض بأن شرط إرادة الشيء و كراهته الشعور به ضرو عقلي و
عملي يراد الشيء أو يكره من غير شعور بضده فإرادة الشيء لا تستلزم كراهة ضده
فضلا أن تكون نفسها إلا أن يقال المراد أنها نفسها على تقدير الشعور بالضد، بمعنى
أنها نفس كراهة الضد المشعور به، و إلا فلا معنى لاشتراط كون الشيء نفس الشيء
بشرط.
و اختلف القائلون بالتغاير في الاستلزام، فذهب القاضي و الغزالي[2]إلى أن إرادة الشيء تستلزم كراهة ضده المشعور به، إذ لو لم يكن
مشعورا[3]مكروها بل مرادا لزم إرادة الضدين و هو محال، لأن الإرادتين
المتعلقتين بالضدين متضادتان.
و أجيب بمنع المقدمتين لجواز أن لا يتعلق بالضد كراهة و لا إرادة
ككثير من الأمور المشعور بها، و لجواز أن يكون كل من الضدين مرادا من جهة إرادة
على
[2]هو محمد بن محمد بن محمد الغزالي
الطوسي أبو حامد، حجة الإسلام فيلسوف متصوف، له نحو مائتي مصنف، مولده في الطابران
(قرية طوس بخراسان) عام 457 ه. رحل إلى نيسابور ثم إلى بغداد و الحجاز فبلاد الشام
و مصر و عاد إلى بلدته، نسبته إلى صناعة الغزل عند من يقول بتشديد الزاي، أو إلى
غزالة من قرى طوس لمن يقول بالتخفيف. توفي عام 405 ه.
(راجع وفيات الأعيان 1: 463، و طبقات الشافعية 4: 101، و شذرات
الذهب 4: 10).