(قال: المبحث السادس:محل العلم هو القلب[1]بدليل السمع، و إن جاز أن يخلقه اللّه تعالى فى أى جوهر شاء، إلا أن
الظاهر أن ليس المراد بالقلب هو ذلك العضو، و عند الفلاسفة هو النفس الناطقة، إلا
انه فى الجزئيات يتوسط الآلات، و سيجيء لهذا زيادة بيان).
قد دلت الأدلة السمعية من الكتاب و السنة على أن محل العلم الحادث هو
القلب، و إن لم يتعين هو لذلك عقلا، بل يجوز أن يخلقه اللّه تعالى فى أى جوهر شاء،
لكن الظاهر من كلام كثير من المحققين أن ليس المراد بالقلب ذلك العضو المخصوص
الموجود لجميع الحيوانات، بل الروح[2]الّذي
به امتياز الإنسان.
[1]القلب: الفؤاد و قد يعبر به عن
العقل، و قال الفراء القلب العقل. و قيل القلب أخص من الفؤاد و منه الحديث «أتاكمأهل اليمن أرق
قلوبا و ألين أفئدة» و قد ورد القلب في القرآن على ثلاثة معان.
الأول: بمعنى العقل:إِنَّ فِي
ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌالثاني: بمعنى
الرأي و التدبيرقُلُوبُهُمْ شَتَّىأي آراؤهم مختلفة،
الثالث: بمعنى حقيقة القلب الذي في الصدروَ لكِنْ
تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ. سورة الحج آية
رقم 46.
[2]الروح: اسما للنفس، و ذلك لكون للنفس
بعض الروح. فهو كتسمية النوع باسم الجنس. نحو تسمية الإنسان بالحيوان، و الروح في
القرآن على سبعة أوجه: الأول بمعنى الرحمةوَ أَيَّدَهُمْ
بِرُوحٍ مِنْهُأى رحمة، و الثاني بمعنى الملكيَوْمَ يَقُومُ
الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّاالثالث: