الاعتراض بأن ذكر المدرك و ما به يدرك في تعريف الإدراك دور، فجوابه
أن المراد به الشيء الذي قال له: المدرك و ما به الإدراك، و إن لم تعرف حقيقة هذا
الوصف، و قد يجاب بأن هذا ليس تعريفا للإدراك، بل تعيينا و تلخيصا للمعنى المسمى
بالإدراك الواضح عند العقل.
المدرك إما أن يكون خارجا أو غير خارج
(قال:أما بحقيقته كإدراك النفس ذاتها و صفاتها فيكون التغاير اعتباريا و
هو كاف كالمعالج يعالج نفسه، و مثله العلم بالعلم فلا يلزم وجود ما لا يتناهى، و
إما بصورته المنتزعة كما في الماديات أو غير المنتزعة كما في المجردات و
المعدومات).
إشارة إلى ما ذكروا من أن الشيء المدرك إما أن لا يكون خارجا عن ذات
المدرك كالنفس و صفاتها، و إما أن يكون خارجا و حينئذ فإما أن يكون ماديا أو غير
مادي.
فالأول تكون حقيقته المتمثلة عند المدرك نفس حقيقته الموجودة في
الخارج فيكون إدراكه دائما.
و الثاني: تكون صورة منتزعة عنه.
و الثالث: تكون صورة متحصلة في العقل، غير مفتقرة إلى الانتزاع من
حقيقة خارجية، لكونها صورة لما هو مجرد في نفسه كإدراك المفارقات، أو لما لا تحقق
له في الخارج[1]و لا حقيقة أصلا كإدراك المعلومات.
و اعترض على الأول بوجوه:
أحدها:أنه يقتضي أن يكون إدراك النفس لذاتها و صفاتها دائما لدوام الحضور،
و اللازم باطل لأن كثيرا من الصفات مما لا نطلع على