(قال:المبحث الأول: الصوت[1]عندنا
بمحض خلق اللّه تعالى كسائر الحوادث و عند الفلاسفة: كيفية تحدث في الهواء بالتموج
المعلول للقرع، أو القلع، لا نفس التموج أو القرع أو القلع على ما ظن لأنها ليست
مسموعة، و يدل على وجوده في الخارج، و تعلق الإحساس به هناك أيضا إدراك جهته، و
التمييز بين قريبه و بعيده، و ليس ذلك لمجيء الهواء القارع من تالك الجهة، أو
لقوة القرع القريب و ضعف البعيد و إلا لما أدرك كونه من الجانب المخالف للأذن
السامعة، و لما ميز بين القوى البعيد و الضعيف القريب).
من الكيفيات المحسوسة المسموعات و هي الأصوات و الحروف و الصوت عندنا
يحدث بمحض خلق اللّه تعالى من غير تأثير لتموج الهواء و القرع و القلع كسائر
الحوادث، و كثيرا ما تورد الآراء الباطلة للفلاسفة من غير تعرض لبيان
[1]الصوت: عند بعض العلماء، هو الهواء
المنضغط عن قرع جسمين، و الصوت ضربان: ضرب مجرد عن تنفس بشيء كالصوت الممتد و
متنفس بصورة ما، و هو ضربان: ضروري كما يكون من الجمادات و من الحيوانات، و
اختياري كما يكون من الإنسان، و ذلك ضربان ضرب باليد كصوت العود و نحوه، و ضرب
بالفم، و هو أيضا ضربان نطق و غير نطق، كصوت الناي، و النطق إما مفرد من الكلام و
إما مركب كأحد الأنواع من الكلام.
قال تعالى:لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِو تخصيص الصوت
بالنهي لكونه أعم من النطق و الكلام، و يجوز أنه خصه لأن المكروه رفع الصوت فوق
صوته لا رفع الكلام.