و ثانيهما:انعكاس الحمرة و الخضرة، و نحو ذلك من الألوان فإنه لو كان اختلاف
الألوان لاختلاط الشفاف بغيره لوجب أن لا ينعكس من الأحمر و الأخضر إلا البياض،
لأن السواد لا ينعكس بحكم التجربة. و دلالة هذين الوجهين على أن سبب اختلاف
الألوان لا يجب أن يكون هو التركب من السواد و البياض، أظهر من دلالته، على أن سبب
البياض لا يجب أن يكون هو مخالطة الهواء للأجزاء الشفافة مع أن في الملازمتين
نظرا، لجواز أن يقع تركب السواد و البياض على أنحاء مختلفة، و أن ينعكس السواد عند
الاختلاط و الامتزاج، و إن لم ينعكس عند الانفراد، و قد اقتصر بعضهم على نفي
البياض، و أثبت السواد تمسكا بأن البياض ينسلخ و يقبل محله الألوان بخلاف السواد،
ورد بعد ثبوت الأمرين بأنه: يجوز أن يكون الحقيقي مفارقا و التخيلي لازما، لزوال
سبب الأول، و لزوم سبب التخيلي، لا يقال محل[1]البياض يقبل محله جميع الألوان و كل ما يقبل الشيء فهو عار عنه،
ضرورة تنافي القبول و الفعل، لأنا نجيب بمنع الصغرى فإنه إنما يقبل ما سوى البياض
الذي فيه، فلا يلزم إلا عراؤه عنه، و إن أريد بالقبول معنى الإمكان بحيث يجامع
الفعل منعنا الكبرى و هو ظاهر.
و قد يقال: لو كان القابل للشيء واجب العراء عنه لكان الفعل[2]ممتنع الاتصاف به، و هو باطل، و ليس بشيء لأن القضية مشروطة، فلا
يلزم إلا امتناع الاتصاف ما دام قابلا و هو حق.
السواد و البياض أصل الألوان
(قال:و قيل: الأصل هو البياض و السواد، و قيل: و الحمرة و الصفرة و الخضرة
أيضا، و البواقي بالتركيب تعويلا[3]على
مشاهدة ذلك في بعض الصور، و لا يخفى أنها لا تفيد الحكم الكلي).