(قال:المبحث الثاني: من الناس من زعم أنه لا حقيقة للون و إنما يتخيل إن
بياض من مخالطة الضوء للأجسام الشفافة كما في الثلج، و الزبد و مسحوق البللور و
الزجاج[1]و السواد من عدم غور الضوء في الجسم و لهذا ينسب إلى الماء حيث يخرج
الهواء فلا يكمل نفوذ الضوء على ما يشاهد في الثوب المبلول و البواقي من اختلاف
في[2]الأمرين.
و الحق أن هذا بعض أسباب الحصول على ما قال ابن سينا شك[3]في حدوث البياض بما ذكر، لكنا ندعي حدوثه بغيره كما في البيض
المسلوق، لبن العذراء و الجص، و اتقصر بعضهم على نفي البياض لما أنه ينسلخ و يقبل
بحثه الألوان، بخلاف السواد و ضعفه[4]ظاهر).
[1]البلّور نوع من الزجاج، و الزجاج
مادة صلبة شفافة قصفة الكسر تتركب أساسا من بعض بيكات و القلويات مع مادة قلوية
كالصودا أو البوتاس، و يحصل على الزجاج من خلط بعض انواع الرمال الناعمة او
الصوديوم مع الكلس و كسر الزجاج و صهرها في درجة حرارة عالية.
استقرت صناعته في مصر في أثناء القرن 16 ق. م، و قد عثر في الحفائر
على عدة نماذج معتمة و ملونة. برع الرومان و سلالتهم إلى اليوم في صناعة الزجاج، و
اشتهر صناع البندقية عدة قرون بعد أيام الصليبيين بعمل نماذج طريفة و جميلة، و ورث
المسلمون صناعة الزجاج عن أهالي البلاد التي خضعت لهم بايران و العراق و سورية و
مصر منذ القرن السابع و وصلت صناعته بمصر في القرن 10 ذروة عالية على أيام
الفاطميين ثم المماليك.