بقاء المكان الذي خرج منه زيد، مع أنه قد ملأه الهواء، فلم يبق ما
كان فيه من السطح المحيط بزيد، و منها كون كل جزء من أجزاء الجسم في حيز، مع أن
الأجزاء الباطنة من الماء مثلا، لا تكون في سطح من الهواء إلا بطريق التبعية و
التجوز.
كما يقال: الماء في الفلك. و منها عدم توقف الحكم بكون الجسم هاهنا،
أو هناك. على أنه هل يحيط به جسم أم لا.؟
و منها: أنا نتصور جسما لا يماسه شيء، بل يوجد وحده مع امتناع أن
يتصور جسما لا يكون في حيز، و منها أنا نقطع بأن كلا من القطب[1]الجنوبي، و الشمالي في حيز آخر، و أن كل نقطة على سطح الفلك المحيط
يتحرك بحركة من موضع إلى موضع.
و بالجملة فهذه و أمثالها، أمارات تفيد قوة الظن، بأن المكان هو
البعد لا السطح، و إن كان للمناقشة مجال[2]في استحالة بعض اللوازم، أو في لزومها على ما لا يخفى.
المقام الثاني
(قال:المقام الثاني:
إن الخلاء ممكن أو ممتنع .. حجة الإمكان وجوه.
الأول:إذا رفعنا[3]صفحة
ملساء عن مثلها دفعة، لزم في أول زمان الارتفاع، خلو الوسط ضرورة. أنه إنما يمتلئ
عندكم بانتقال الهواء إليه و ذلك بعد المرور بالأطراف.
ورد: بعد تسليم إمكان الارتفاع بمنع إمكانه دفعة، أو في آن فإنه حركة
[1]القطب: المحور القائم المثبت في
الطبق الأسفل من الرحى يدور عليه الطبق الأعلى، و منه قطب الدائرة، و للأرض قطبان
شمالي و جنوبي، و النجم القطبي الشمالي هو النجم المنير في طرف ذنب بنات نعش
الصغرى (الدب الأصغر) و هو الذي يتوخى به جهة الشمال لوقوعه في سمك القطب الشمالي
للكرة الأرضية، و القطب من القوم: سيدهم، و القطب من الشيء قوامه و مداره.