بماله من البعد، و يعبر عنه أفلاطون تارة بالهيولى، لتوارد الأجسام عليه
توارد الصور على المادة، و تارة بالصورة لكونه عبارة عن الأبعاد. إذ الممتدة في
الجهات بمنزلة الصورة الاتصالية الجسمية، التي بها يقبل الجسم الأبعاد، و يتميز عن
المجردات، و على هذا لا يرد[1]ما
يقال، إن امتناع كون حيز[2]الجسم
جزءا منه، في غاية الظهور، فكيف يذهب إليه العاقل. ثم إن هذا البعد عند أفلاطون[3]و أتباعه، ممتنع الخلو عن شاغل، و عند البعض ممكن الخلو عنه، و أصحاب
الخلاء هم المتكلمون و بعض الفلاسفة. ففي هذا البحث مقامان: أحدهما في أن المكان
هو السطح أو البعد، و ثانيهما في أن الخلاء[4]ممكن أو ممتنع.
المقام الأول
(قال:المقام الأول:
ان المكان هو السطح أو البعد. و حجة السطح بوجوه.
الأول:أنه موجود يقبل التفاوت و الإشارة و الانتقال منه و إليه. و البعد
الموجود إن قبل الحركة كان له مكان و تسلسل، على أن جميع الأمكنة يفتقر إلى مكان،
فيكون داخلا فيها، بكونه أحدها خارجا منها، بكونه ظرفا لها، و إن لم يقبل لم
يقبلها الجسم، لما فيه من البعد اللازم.
الثاني:إن تمكن الجسم حينئذ يستلزم نفوذ بعده في البعد المكاني، فيكون فيه
بعدان، و يجتمع المثلان، و يرتفع الآنات[5]عن وحدة هذه الذارع مثلا، و عن تساوي أصل المتمكن و المكان.
[4]الخلاء: عند الفلاسفة خلو المكان من
كل ذرة جسمانية تشغله. و يطلق الخلاء عند بعضهم على الامتداد و لما هو المفروض في الجسم
أو في نفسه الصالح لأن يشغله الجسم، و يسمى أيضا بالمكان و البعد الموهوم، و
الفراغ الموهوم و حاصله البعد الموهوم الخالي من شاغل.