القرب و البعد المفتقر إلى محل ليس هو نفس الحادث، و لا أمرا منفصلا
عنه لما تقدم، بل متعلقا به، هو المعنى بالمادة، و هذا أيضا ضعيف، لابتنائه على
كون الصانع القديم موجبا بالذات، إذ الفاعل بالاختيار يوجد الحادث متى تعلق به
إرادته القديمة، التي من شأنها الترجيح و التخصيص، من غير توقف على شرط حادث.
وجوب سبق المدة لكل حادث
(و أما المدة[1]فلأن
تعاقب الحوادث[2]، و سبق العدم على الوجود،
لا يتصور إلا بالزمان.
و رد: بأن مبنى الأول على ما مر، و الثاني على ما زعموا أن السبق و مقابلته
يكون: إما بالعلية، أو بالطبع[3]، أو بالزمان أو بالشرف، أو
بالرتبة[4]الحسية، أو العقلية طبعا أو وضعا.
و عندنا: قد يكون بالذات كما في أجزاء الزمان من غير افتقار إلى زمان
آخر، و لا يضرنا تسميته زمانيا، على ما قال بعضهم إن السبق بالزمان قسمان[5]و بعضهم إن الحقيقي منه ليس إلا الذي فيما بين أجزاء الزمان، و إنما
يعرض للغير بواسطته، حتى إن مضى تقدم الأب على الابن، تقدم زمانه على زمانه[6]، و قد يرجع الرتبى و الشرفي
أيضا[7]إلى الزماني، و الزماني ما
[2]وجودا بأن لا يجتمع اثنان منها معا
كما هو المستدل عليه بأن الحادث لا بد أن يستند إلى حادث و هلم إلى ما لا ينتهى.
[3]و ذلك بأن تكون طبيعية أي حقيقية
المتقدم و المتأخر تقتضيان حاجة المتأخر منهما إلى المتقدم منهما.
[4]بأن يكون مكان المتقدم منهما قبل
مكان المتأخر سواء كانت المكانة حسية أو عقلية.
[5]أحدهما أن يكون حصول المتقدم في زمن
قبل حصول المتأخر، و ثانيهما: أن يكون تحقق المتقدم قبل تحقق المتأخر، و إن وقعا
معا في غير زمان.
[6]أي الابن فقد ظهر أن هذا البعض سمي
التقدم الذي بين أجزاء الزمان زمانيا و بالغ في تخصيصه باسم الزماني على رد
المصطلح عليه في تسميته زمانيا إليه مع اعترافه بأن التقدم في أجزاء الزمان ليس
واقعا في زمن هذا.