يقال: عرض لفلان أمر أي معنى لا قرار له[1]و هذا أمر عارض، و هذه الحالة ليست بأصيلة، بل عارضة، و لهذا يسمى السحاب
عارضا، و ليس اسما لما لا يقوم بذاته، بل يفتقر إلى محل يقوم به[2]، إذ ليس في معناه اللغوي ما
ينبئ عن هذا المعنى. الثاني، أنه لو بقي فإما ببقاء محله فيلزم أن يدوم بدوامه لأن
الدوام هو البقاء، و أن يتصف بسائر صفاته من التحيز و التقوم بالذات، و غير ذلك
لكونها من توابع البقاء. و إما ببقاء آخر فيلزم أن يمكن بقاؤه مع فناء المحل ضرورة
أنه لا تعلق لبقائه ببقائه، و كلا الوجهين في غاية الضعف، لأن العروض في اللغة
إنما ينبئ عن عدم الدوام لا عن عدم البقاء في زمانين و أكثر، و لو سلم فلا يلزم في
المعنى المصطلح عليه اعتبار هذا المعنى بالكلية، و لأن بقاءه ببقاء آخر لا يستلزم
إمكان بقائه مع فناء المحل لجواز أن يكون بقاؤه مشروطا ببقاء المحل كوجوده بوجوده.
و احتج أهل التحقيق بوجهين:
الأول: أنه لو كان باقيا لكان بقاؤه عرضا قائما به ضرورة كونه وصفا
له، و اللازم باطل لاستحالة قيام العرض بالعرض، ورد بمنع الملازمة فإن البقاء
عبارة عن استمرار الوجود و انتسابه إلى الزمان الثاني، و الثالث، و ليس عرضا قائما
بالباقي، و منع انتفاء اللازم، إذ لا يتم البرهان على امتناع قيام العرض بالعرض.
الثاني:لو بقي لامتنع زواله، و اللازم ظاهر البطلان.
وجه اللزوم:أنه لو أمكن زواله بعد البقاء لكان زواله حادثا مفتقرا إلى سبب فسببه
إما نفس ذاته فيمتنع وجوده ضرورة أن ما يكون عدمه مقتضي ذاته لم يوجد أصلا.
و أما زوال شرط من شرائط الوجود فينقل الكلام إلى زوال ذلك الشرط