الوجه الخامس:أن السلسلة المفروضة من العلل و المعلولات الغير المتناهية إما أن
تكون منقسمة بمتساويين فيكون زوجا أو لا فيكون فردا، و كل زوج فهو أقل بواحد من
فرد بعده كالأربعة من الخمسة، و كل فرد فهو أقل بواحد من زوج بعده كالخمسة من
الستة، و كل عدد يكون أقل من عدد آخر يكون متناهيا بالضرورة. كيف لا؟ و هو محصور
بين حاصرين، هما ابتداؤه و ذلك الواحد الذي[1]بعده.
و رد بأنا لا نسلم أن كل ما لا ينقسم بمتساويين فهو فرد، و إنما
يلزم لو كان متناهيا، فإن الزوجية و الفردية من خواص العدد المتناهي، و قد يطوي
حديث الزوجية و الفردية، فيقال: كل عدد فهو قابل للزيادة، فيكون أقل من عدد فيكون
متناهيا و المنع ظاهر.
الوجه السادس من إبطال التسلسل
(السادس[2]:ما بين هذا المعلول و كل من علله البعيدة متناه[3]لكونه بين حاصرين[4]فتتناهى
السلسلة لأنها حينئذ لا تزيد على المتناهي إلا بواحد ضرورة أنه إذا لم يزد ما بين
هذه المسافة و كل جزء منه على فرسخ لم يزد الكل على فرسخ إلا بجزء بحكم الحدس[5]و فيه نظر.
[3]بحكم الحدس الذي هو سرعة انتقال
العقل من حكم إلى حكم بواسطة الشهود و العلم و القرائن.
[4]ضرورة أن ما بين كل علة و علة أخرى
محصور بينهما.
[5]إذ النفس تتسارع من علمها بأن ما بين
مبدأ المسافة و بين كل جزء لا يزيد على الفرسخ إلى مبدأ المسافة إنما يتحقق أن ما
بينه و بين كل جزء منها لا يزيد على فرسخ إن كان مقدار ما بينه و بين أي جزء إما
فرسخ أو أقل. و أما إن كان أكثر فقد زاد ما بينهما على الفرسخ.