و الممكنات. فإنه جاز أن يستقل بإيجاده بعض أجزائه الذي هو موجود
بذاته مستغن عن غيره، و أمات السرير ففاعله المستقل ليس هو النجار وحده، بل مع
فاعل الخشبات، نعم قد[1]يرد على المقدمة القائلة بأن العلة المستقلة للمركب من الأجزاء
الممكنة علة[2]لكل جزء منه اعتراض. و هو أنه إما أن يراد أنها بنفسها علة مستقلة
لكل جزء حتى يكون علة هذا الجزء هي بعينها علة ذلك الجزء، و هذا باطل. لأن المركب
قد يكون بحيث تحدث أجزاؤه شيئا فشيئا كخشبات السرير، و هيئته الاجتماعية، فعند
حدوث الجزء الأول. إن لم توجد العلة المستقلة التي فرضناها علة لكل جزء لزم تقدم
المعلول على علته، و هو ظاهر. و إن وجدت لزم تخلف المعلول. أعني الجزء الآخر من
علته المستقلة بالإيجاد، و قد مر بطلانه، و إما أن يراد أنها علة لكل جزء من
المركب، إما بنفسها أو بجزء منها بحيث يكون كل جزء معلولا لها أو لجزء منها من غير
افتقار إلى أمر خارج عنها، و إذا كان المعلول المركب مترتب الأجزاء كانت علتها
المستقلة أيضا مترتبة الأجزاء يحدث كل جزء منه لكل[3]جزء منها يقارنه بحسب الزمان، و لا يلزم التقدم و لا التخلف،[4]و هذا أيضا[5]فاسد
من جهة أنه لا يفيد المطلوب[6]أعني
امتناع كون العلة المستقلة للسلسلة جزءا منها إذ من[7]أجزائها ما يجوز أن يكون علة بهذا المعنى من غير أن يلزم علية
الشيء لنفسه أو لعلله، و ذلك مجموع الأجزاء التي كل منها معروض للعلية و
المعلولية بحيث لا يخرج عنها إلا المعلول المحض[8]المتأخر عن الكل بحسب العلية المتقدم عليها بحسب الرتبة حيث يعتبر
من الجانب المتناهي، و لذا يعبر عن ذلك المجموع تارة بما قبل المعلول الأخير، و
تارة بما بعد المعلول الأول. ففي الجملة هي جزء من السلسلة تتحقق السلسلة عند
تحققها، و يقع بكل جزء منها جزء منها و لا يلزم من عليتها للسلسلة تقدم الشيء على
نفسه.