الحاكم و تفسيره بما في العقل الفعال[1]بعيدا جدا، اذا قصد بيان المفهوم، لأنه قد يقع التصديق ممن لا
يعرفه، بل ينكره. و أما الاعتراض بأنه لا يشمل علمه، و لا العلم السابق عليه، و لا
العلم بالجزئيات فيمكن دفعه:.
يعني. أن الحكم قد يكون صحيحا أي حقا و صدقا[2]و قد يكون فاسدا أي باطلا و كذبا[3]و إن كان غالب استعمال الصدق و الكذب في الأقوال خاصة، و ليست صحة
الحكم بمطابقته لما في الأعيان، إذ قد لا يتحقق طرفا الحكم في الخارج، كما في
الحكم بالأمور الذهنية، على الأمور الذهنية أو الخارجية.
كقولنا: الإمكان اعتباري و مقابل للامتناع، و اجتماع النقيضين
ممتنع.
كقولنا: الإنسان ممكن، أو أعمى، و لا يكفي المطابقة لما في الأذهان
لأنه قد يرتسم فيها الأحكام الغير المطابقة للواقع، فلزم أن يكون قولنا: العالم
قديم حقا و صدقا، لمطابقته لما في أذهان[4]الفلاسفة، و هو باطل قطعا، بل المعتبر في صحة الحكم مطابقته لما في
نفس الأمر، و هو المراد بالواقع و الخارج، أي خارج ذات المدرك و المخبر. و معناه
ما يفهم من قولنا، هذا الأمر كذا في نفسه، أو ليس كذا أي في حد ذاته، و بالنظر
إليه مع قطع النظر عن إدراك المدرك، و إخبار المخبر. على أن المراد بالأمر الشأن و
الشيء، و بالنفس الذات.
فإن قيل: كيف يتصور هذا فيما لا ذات له، و لا شيئية في الأعيان
كالمعدومات سيما الممتنعات.
فالجواب إجمالا: أنا نعلم قطعا أن قولنا: اجتماع الضدين مستحيل
مطابق لما في نفس الأمر. و قولنا: إنه ممكن غير مطابق، و إن لم يعلم كيفية
[1]العقل الفعال: في رأي الفلاسفة هو
الواهب الصور جميعا في عالم الكون و الفساد.