القول بزيادة الوجود. بمعنى أنهم زعموا أن وجود السواد زائد على
ماهيته. ثم زعموا أنه يجوز خلو تلك الماهية عن صفة الوجود. و أيضا لما اعتقدوا أن
الوجود صفة تطرأ على الماهية و تقوم بها، و لم يتصور ذلك في النفي الصرف. أنتج لهم
ذلك كون الماهية ثابتة قبل الوجود، و يجوز العكس لأن الماهية إذا كانت ثابتة قبل
الوجود، لم يكن الوجود نفسها، و إلا لكان ثبوتها ثبوته و ارتفاعها ارتفاعه.
الثاني:أن المعدوم متصف بالعدم الذي هو[1]صفة نفي، لكونه رفعا للوجود الذي هو صفة[2]ثبوت، و المتصف بصفة النفي منفي، كما أن المتصف بصفة الإثبات ثابت.
و أجيب: بأنه إن أريد بصفة النفي صفة هي نفي في نفسه و سلب حتى
يكون معنى المتصف به هو المنفي، فلا نسلم أن كل معدوم متصف بصفة النفي، و إنما
يلزم لو كان العدم هو النفي و ليس كذلك، بل أعم منه لكونه نقيضا للوجود، الذي هو
أخص من الثبوت، و إن أريد بها صفة هي نفي شيء و سلبه كاللاتحيز و اللاحدوث[3]مثلا، فظاهر أن المتصف به لا يلزم أن يكون منفيا، كالواجب يتصف
بكثير من الصفات السلبية، إذ ليس يمنع اتصاف الموجود بالصفات العدمية، كما يمتنع
اتصاف المعدوم بالصفات الوجودية.
الثالث:لو كانت الذوات ثابتة في العدم، و عندكم أن ثبوتها ليس من غيرها
كانت واجبة، إذ لا معنى للواجب[4]سوى
هذا، فيلزم وجوب الممكنات، و تعدد الواجب. و تقريرهم أنها لو كانت ثابتة، فثبوتها
إما واجب فيتعدد الواجب، أو ممكن فيكون محدثا مسبوقا بالنفي، فتكون الذوات من حيث[5]هي مسبوقة بالنفي، و هو مع ابتنائه على كون كل ممكن الثبوت محدثا،
بمعنى المسبوق بالنفي لا ينفي كون الذوات ثابتة بدون الوجود، بل غايته أن ثبوتها
في العدم مسبوق بنفيها.