للغير فهو الحال، فهو واسطة بين الموجود و المعدوم، لأنه عبارة عن
صفة للموجود لا تكون موجودة و لا معدومة، مثل العالمية و القادرية و نحو ذلك.
و المراد بالصفة ما لا يعلم، و لا يخبر عنه بالاستقلال بل بتبعية
الغير، و الذات بخلافها، و هي لا تكون إلا موجودة أو معدومة، بل لا معنى للموجود
إلا ذات لها صفة العدم، و الصفة لا يكون لها ذات فلا تكون موجودة و لا معدومة.
فلذا قيد بالصفة و احترز بقولهم: لموجود عن صفات المعدوم فإنها تكون معدومة لا حالا.
و بقولهم: لا موجودة عن الصفات الوجودية مثل السواد و البياض و بقولهم: و لا
معدومة عن الصفات السلبية. قال الكاتبي[1]: و هذا الحد لا يصح على مذهب المعتزلة، لأنهم جعلوا الجوهرية من
الأحوال مع أنها حاصلة للذات حالتي الوجود و العدم.
قلنا: إنما يتم هذا الاعتراض لو ثبت ذلك من أبي هاشم، و إلا فمن
المعتزلة من لا يقول بالحال، و منهم من يقول بها لا على هذا الوجه[2]، ثم قال: و أول من قال
بالحال أبو هاشم و فصل القول فيه بأن الأعراض التي لا تكون مشروطة بالحياة كاللون
و الرائحة لا توجب لمن قامت به حالا و لا صفة، إلا الكون فإنه يوجب لمحله الكائنية
و هي من الأحوال، و أما الأعراض المشروطة بالحياة، فإنها توجب لمحلها أحوالا
للمحل[3]كالعلم للعالمية و القدرة للقادرية.
و زعم القاضي و إمام الحرمين: أن كل صفة فهي توجب للمحل حالا، كالكون
للكائنية و السواد للأسودية و العلم للعالمية. و منهم من خالف في نفي كون المعدوم
ثابتا و هم أكثر المعتزلة، حيث زعموا أن المعلوم إن كان له كون في الأعيان فموجود
و إلا فمعدوم فلا واسطة بينهما- و باعتبار آخر: المعلوم إن كان له تحقق في نفسه و
تقرر فثابت،[4]و إلا فمنفي و كل ما له كون في