الفعل جائز عليه، و أن العالم فعله الجائز فيفتقر بجوازه إلى محدث، و
أنه قادر على بعث الرسل و على تعريف صدقهم بالمعجزات و أن هذا واقع و حينئذ ينتهي
تصرف العقل و يأخذ في التلقي من النبي عليه الصلاة و السلام الثابت عنده صدقه و
مقبول[1] ما يقوله في اللّه تعالى، و في أمر
المبدأ و المعاد و لما كان موضوع العلم الإلهي من الفلسفة هو الموجود بما هو موجود
و كان تمايز العلوم بتمايز الموضوعات قيد الموجود هاهنا بحيثية كونه متعلقا
للمباحث الجارية[2] على قانون الإسلام، فتميز الكلام عن
الإلهي بأن البحث فيه إنما يكون على قانون الإسلام، أي الطريقة المعهودة المسماة
بالدين و الملة، و القواعد المعلومة قطعا من الكتاب و السنة و الإجماع، مثل كون
الواحد موجد للكثير، و كون الملك نازلا من السماء، و كون العالم مسبوقا بالعدم، و
فانيا بعد الوجود، إلى غير ذلك من القواعد التي يقطع بها في الإسلام دون الفلسفة،
و إلى هذا أشار من قال: الأصل في هذا العلم التمسك بالكتاب و السنة، أي التعلق
بهما و كون مباحثه منتسبة إليهما جارية على قواعدهما على ما هو معنى انتساب[3] العقائد إلى الدين[4] و قيل المراد بقانون الإسلام أصوله من
الكتاب و السنة، و الإجماع و المعقول الذي لا يخالفها، و بالجملة فحاصله أن يحافظ
في جميع المباحث على القواعد الشرعية و لا يخالف القطعيات[5] منها جريا[6]
على مقتضى نظر العقول القاصرة على ما هو قانون الفلسفة، لا أن يكون جميع المباحث
حقة في نفس الأمر، منتسبة إلى الإسلام بالتحقيق، و إلا لما صدق التعريف على كلام
المجسمة و المعتزلة[7]
و الخوارج[8] و من يجري
[1] في (ب) بقبول.
[2] في (ب) الجائزة.
[3] زيد في (ب) كلمة(معنى).
[4] سقط من (ب) كلمة(إلى الدين).
[5] في (ب) بزيادة لفظ(منها).
[6] في (ب) إجراء بدلامن (جريا).
[7] المعتزلة: يقولونبنفي صفات اللّه سبحانه و تعالى. و أن اللّه تعالى ليس خالقا لأفعال العبد، و أنالقرآن محدث و مخلوق. و كان التوحيد في رأيهم أن اللّه تعالى عالم بذاته و قادربذاته. و سموا معتزلة لأن واصل بن عطاء و عمرو بن عبيد اللذين كانا من تلاميذ الحسنالبصري ادعيا «أن الفاسق ليس بمؤمن و ليس بكافر» و جلسا في ناحية خاصة من المسجدفقيل عنهما أنهما اعتزلا حلقة الحسن البصري فسموا معتزلة.
[8] الخوارج: يقال لهذهالطائفة الخوارج و الحرورية و النواصب و الشراة، أما الخوارج فجمع خارج