على إثبات العقائد الدينية بإيراد الحجج و دفع الشبه[1]، و معنى إثبات العقائد تحصيلها و
اكتسابها بحيث يحصل الترقي من التقليد إلى التحقيق، أو إثباتها على الغير بحيث
يتمكن من إلزام المعاندين، أو إتقانها و إحكامها، بحيث لا تزلزلها شبه المبطلين، و
عدل عن يقتدر به إلى يقتدر معه مبالغة في نفي الأسباب، و استناد الكل إلى خلق
اللّه تعالى ابتداء على ما هو المذهب، و أورد على طرد تعريفه جميع العلوم الحاصلة
عند الاقتدار من النحو و المنطق[2] و غيرهما و على عكسه علم الكلام بعد إثبات العقائد لانتفاء الاقتدار
حينئذ و الجواب أن المراد هو[3] علم يحصل معه الاقتدار البتة بطريق جري العادة، أي يلزمه حصول
الاقتدار لزوما عاديا، و إن لم يبق ذلك[4] الاقتدار دائما، و لا خفاء في أن الكلام كذلك بخلاف سائر العلوم، و
أما مجموع العلوم التي من جملتها الكلام فهو و إن كان كذلك فليس[5] بعلم واحد بل بعلوم جمة، و قد يجاب
بأن المراد ماله مدخل في الاقتدار أو ما يلزم معه الاقتدار و لو على بعض التقادير
و الكلام بعد الإثبات بهذه الحيثية بخلاف سائر العلوم، و يعترض بأن للمنطق مدخلا
في الاقتدار و إن لم يستقل به، و الاقتدار لازم[6] مع كل علم على تقدير مقارنته للكلام.
نعم لو أريد ما يلزم معه
الاقتدار في الجملة بحيث يكون له مدخل في ذلك خرج غير المنطق، و فيما ذكرنا غنية
عن هذا، مع أن في إثبات المدخل إشعارا بالسببية و لو قال يقتدر به و أراد
الاستعقاب العادي، كما في إثبات العقائد بإيراد الحجج على ما هو المذهب في حصول
النتيجة عقيب النظر لم يحتج إلى شيء من ذلك.
[1] راجع كتاب المواقفج 1 ص 33: 34.
[2] المنطق عند أرسطو:آلة للعلم و موضوعه هو العلم نفسه، أو هو صورة العلم، و عند ابن سينا، المنطق: هوالصناعة النظرية التي تعرفنا من أي الصور و المواد يكون الحد الصحيح الذي يسمىبالحقيقة حدا، و القياس الصحيح الذي يسمى برهانا. أما عند الغزالي: فهو القانونالذي يميز صحيح الحد و القياس عن غيره، فيتميز العلم اليقيني عما ليس يقينيا، وكأنه الميزان أو المعيار للعلوم كلها. و يعرفه الساوي صاحب البصائر النصيرية: بأنهقانون صناعي عاصم للذهن من الزلل، مميز لصواب الرأي عن الخطأ في العقائد بحيثتتوافق العقول السليمة على صحته.
[3] سقط من (ب) كلمة(هو).
[4] من (أ) كلمة (ذلل).
[5] سقط من (أ) كلمة(فليس).
[6] سقط من (أ) كلمة(مع).