نام کتاب : الإقبال بالأعمال الحسنة - ط الحديثة نویسنده : السيد بن طاووس جلد : 3 صفحه : 269
عيون غير ناظرة و عقول غير حاضرة و قلوب غير باصرة و جوارح غير
ناضرة، و قد خذل بعض بعضاً بلسان الحال من شدّة تلك الأهوال.
فبعث محمّداً صلّى اللّه
عليه و آله من مجلس الغضب و المقت و العذاب و انكاله إلى الأمم المتعرّضة بتعجيل
العقاب و استيصاله، و هو واحد في العيان منفرد عن الاخوان و الأعوان، يريد مقاتلة
جميع من في الوجود من أهل الجحود، برأي قد احتوى على مسالك الآراء و استوى على
ممالك الأقوياء، و جنان قد خضع له إمكان الابطال، و بيان قد خشع له لسان أهل
المقال و الفعال، و نور قد رجعت جيوش الظلمات به مكسورة و رءوس الجهالات بلهبه
مقهورة، و قدم قد مشى على الرءوس و النفوس و هم[1]
قد حكمت بإزالة الضرر و النحوس.
فسرى نسيم ارج[2] ذلك التمكين و التلقين، و روّج
حياة ذلك السبق للأولين و الآخرين، في اليوم السابع و العشرين من رجب بالعجب و شرف
المنقلب، فاستنشقه[3] عقول كانت هامدة أو بائدة، و
استيقظت به قلوب كانت راقدة، و جرى شراب العافية بكأس آرائه العالية في أماكن
أسقام الأنام فطردها و أحاط بجيوش النّحوس فشرّدها، و تهدّد نفوس العقول المتهجّمة
على العقول فأبعدها، حتّى الّفها بعد الافتراق في الآفاق و عطفها على الوفاق و
الاتّفاق و أجلسها على بساط الوداد و الاتّحاد و حماها عن مهاوي الهلكة و الفساد.
فما ظنّك بمن هذا بعض
أوصافه، و من ذا يقدر على شرح ما شرّفه اللّه جلّ جلاله به من ألطافه، و بأيّ بيان
أو لسان أو جنان يقدر على وصف مواهبه و اسعافه، و لقد دعونا العقل إلى الكشف فذهل،
فدعونا القلب إلى الوصف فوجل، فدعونا اللسان إلى البيان فاستقال، فدعونا القلم إلى
الإمكان فذلّ و تزلزل و زال، فدعونا الجوارح جارحة بعد جارحة فشردت عنّا هاربة و
نازحة.
[1] همم (خ ل).
[2] أرج تأرّج: فاحت منهرائحة طيبة، فهو ارج.
[3] و استنشقه (خ ل).الإقبال بالأعمال الحسنة
نام کتاب : الإقبال بالأعمال الحسنة - ط الحديثة نویسنده : السيد بن طاووس جلد : 3 صفحه : 269