وَ زَوَّجَهُ ابْنَتَهُ سَيِّدَةَ نِساءِ الْعالَمِينَ، وَ أَحَلَّ لَهُ مِنْ مَسْجِدِهِ ما حَلَّ لَهُ، وَ سَدَّ الْأَبْوابَ إِلَّا بابَهُ، ثُمَّ أَوْدَعَهُ عِلْمَهُ وَ حِكْمَتَهُ، فَقالَ: أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَ عَلِيٌّ بابُها، فَمَنْ أَرادَ الْمَدِينَةَ[1] فَلْيَأْتِها مِنْ بابَها.
ثُمَّ قالَ لَهُ: أَنْتَ أَخِي وَ وَصِيِّي وَ وارِثِي، لَحْمُكَ مِنْ لَحْمِي، وَ دَمُكَ مِنْ دَمِي، وَ سِلْمُكَ سِلْمِي، وَ حَرْبُكَ حَرْبِي، وَ الإِيمانُ مُخالِطٌ لَحْمَكَ وَ دَمَكَ، كَما خالَطَ لَحْمِي وَ دَمِي، وَ أَنْتَ غَداً عَلَى الْحَوْضِ خَلِيفَتِي، وَ أَنْتَ تَقْضِي دَيْنِي، وَ تُنْجِزُ عِداتِي، وَ شِيعَتُكَ عَلى مَنابِرَ مِنْ نُورٍ، مُبْيَضَّةً وجُوهُهُمْ حَوْلِي فِي الْجَنَّةِ وَ هُمْ جِيرانِي، وَ لَوْلا أَنْتَ يا عَلِيُّ لَمْ يُعْرَفِ الْمُؤْمِنُونَ بَعْدِي.
وَ كانَ بَعْدَهُ هُدىً مِنَ الضَّلالِ، وَ نُوراً مِنَ الْعَمى، وَ حَبْلَ اللَّهِ الْمَتِينِ، وَ صِراطَهُ الْمُسْتَقِيمِ، لا يُسْبَقُ بِقَرابَةٍ فِي رَحِمٍ، وَ لا بِسابِقَةٍ فِي دِينٍ، وَ لا يُلْحَقُ فِي مَنْقَبَةٍ مِنْ مَناقِبهِ، يَحْذُو حَذْوَ[2] الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ[3]، وَ يُقاتِلُ عَلَى التَّأْوِيلِ، وَ لا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لائِمٍ.
قَدْ وَتَرَ[4] فِيهِ صَنادِيدَ[5] الْعَرَبِ، وَ قَتَلَ أَبْطالَهُمْ، وَ ناوَشَ[6] ذُؤْبانَهُمْ، وَ أَوْدَعَ[7] قُلُوبَهُمْ أَحْقاداً بَدْرِيَّةً وَ خَيْبَرِيَّةً وَ حُنَيْنِيَّةً وَ غَيْرَهُنَّ.
فَأَضَبَّتْ[8] عَلى عَداوَتِهِ، وَ أكَبَّتْ عَلى مُنابَذَتِهِ[9] حَتّى قَتَلَ النَّاكِثِينَ وَ الْقاسِطِينَ وَ الْمارِقِينَ.