نام کتاب : الأربعين في أصول الدين نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 1 صفحه : 206
هذا هو الكلام فى حقيقة
الداعية.
ثم قالوا: تلك الحالة
المقتضية للترجيح التى نجدها من قلوبنا ليست الا هذه الداعية.
و من الناس من قال: الميل و الإرادة حالة زائدة على هذه الداعية.
و احتجوا عليه بوجهين:
الحجة الأولى: ان الميل قد يوجد، بدون هذه الداعية. و ذلك لأن العطشان اذا خير بين
شرب قدحين متساويين من الماء فانه لا بد و أن يرجح أحدهما على الآخر من أجل[1] أنه لا بد و أن يحدث فى قلبه ميل الى
أحد القدحين دون الثانى. و هذا الترجيح حاصل.
و ليس هذا الترجيح الا
عبارة عن الداعية بالتفسير الّذي ذكرناه. لأنه لما استوى القدحان فى جميع المنافع
المعلومة و المظنونة، امتنع أن يكون ذلك الميل الّذي هو غير مشترك فيه بينهما هو
عين هذا العلم و الظن، الّذي هو مشترك فيه بينهما.
الحجة الثانية: انا نجد من أنفسنا أنا متى علمنا أو اعتقدنا أو ظننا اشتمال الفعل
على هذه المصلحة الزائدة، فانه يتولد عن ذلك العلم ميل و رغبة و ترجيح، و يكون ذلك
الميل كالأمر اللازم لذلك الفعل[2] و كالأمر المتولد منه. و لذلك فان الخصم يقول: ان هذا العلم يدعو
الفاعل الى الفعل، فجعل كون هذا العلم داعيا، كالأمر المتولد منه. فثبت بهذين
الوجهين: أن الداعى مغاير للارادة فى حقنا.