قال
الشيخ هذه إشارات إلى أصول و تنبيهات على جمل- يستبصر بها من تيسر له و لا ينتفع بالأصرح
منها- من تعسر عليه و التكلان على التوفيق- و أنا أعيد وصيتي و أكرر التماسي- أن يضن
بما تشتمل عليه هذه الأجزاء- كل الضن على من لا يوجد فيه ما أشترطه في آخر هذه الإشارات
أقول اعلم أن هذين النوعين من الحكمة النظرية- أعني الطبيعي و الإلهي لا يخلوان عن
انغلاق شديد- و اشتباه عظيم إذ الوهم يعارض العقل في مأخذهما- و الباطل يشاكل الحق
في مباحثهما- و لذلك كانت مسائلهما معارك الآراء المتخالفة- و مصادم الأهواء المتقابلة-
حتى لا يرجى أن يتطابق عليها أهل زمان- و لا يكاد يتصالح عليها نوع الإنسان- و الناظر
فيهما يحتاج إلى مزيد تجريد للعقل- و تمييز للذهن و تصفية للفكر و تدقيق للنظر- و انقطاع
عن الشوائب الحسية و انفصال عن الوساوس العادية- فإن من تيسر له الاستبصار فيهما فقد
فاز فوزا عظيما- و إلا فقد خسر خسرانا مبينا- لأن الفائز بهما مترق إلى مراتب الحكماء
المحققين- الذين هم أفاضل الناس- و الخاسر بهما نازل في منازل المتفلسفة المقلدين-
الذين هم أراذل الخلق- و لذلك وصى الشيخ بتحفظ هذا القسم من كتابه كل التحفظ- و أمر
بالضن به كل الضن- و أنا أسأل الله الإصابة في البيان- و العصمة عن الخطإ و الطغيان
و أشترط على نفسي- أن لا أتعرض لذكر ما أعتمده فيما أجده مخالفا لما أعتقده- فإن التقرير
غير الرد و التفسير غير النقد- و الله المستعان و عليه التكلان