و
الأقدمين، أو استفدته من الشرح الأول و غيره من الكتب المشهورة، أو استنبطته بنظري
القاصر و فكري الفاتر، و أشير إلى أجوبة بعض ما اعترض به الفاضل الشارح: مما ليس في
مسائل الكتاب بقادح، و أتلقى ما يتوجه منها عليها بالاعتراف، مراعيا في ذلك شريطة الإنصاف،
و أغمض عما لا يجدي بطائل و لا يرجع إلى حاصل، غير ملتزم في جميع ذلك حكاية ألفاظه
كما أوردها، بل مقتصرا على ذكر المقاصد التي قصدها مخافة الإطناب المؤدي إلى الإسهاب.
و في نيتي إن شاء الله أن أوسمه بحل مشكلات الإشارات، بعد أن أتممه، و أرجو أن يغفر
لي ربي خطيئاتي و يعذرني من يعثر على هفواتي و إني للخطايا لمعترف، و بالقصور و العجز
لمعترف، و من الله التوفيق و إليه انتهاء الطريق.
[مقدمة
الشيخ]
صدر
الكتاب قول الشيخ- رحمه الله-:
أحمد
الله على حسن توفيقه و أسأل هداية طريقه و إلهام الحق بتحقيقه أفاد الفاضل الشارح:
أن هذه المعاني يمكن أن يحمل على كل واحدة من مراتب النفس الإنسانية بحسب قوتيها النظرية
و العملية بين حدي النقصان و الكمال أما النظرية: فلأن جودة الترقي من العقل الهيولاني
الذي من شأنه الاستعداد المحض، باستعمال الحواس، إلى العقل بالملكة الذي من شأنه إدراك
المعقولات الأولى أعني البديهيات، لا يكون إلا بحسن توفيقه تعالى. و جودة الانتقال
من العقل بالملكة، إلى العقل بالفعل الذي من شأنه إدراك المعقولات الثانية أعني المكتسبة
لا يتأتى إلا بهدايته تعالى إلى سواء الطرق دون مضلاتها. و حصول العقل المستفاد أعني
العقود اليقينية التي هي غاية السلوك، لا يمكن إلا بالهامة الحق بتحقيقه.
فإن
جميع ما يتقدمها من المقدمات و غيرها لا تفعل في النفس إلا إعدادا ما لقبول ذلك الفيض
من مفيضه. و أما العملية: فلأن تهذيب الظاهر باستعمال الشرائع الحقة و النواميس الإلهية
إنما يكون بحسن توفيقه تعالى، و تزكية الباطن من الملكات الردية تكون بهدايته تعالى،
و تحلية السر بالصور القدسية تكون بالهامة.