نام کتاب : الاعتماد في شرح واجب الاعتقاد نویسنده : الفاضل المقداد جلد : 1 صفحه : 48
إذا تبيّن هذا؛ فنقول: معرفة اللّه تعالى واجبة على كلّ
مكلّف، لأنّها دافعة للضّرر، و كلّما كان دافعا للضّرر فهو واجب.
أمّا أنّها دافعة للضّرر؛ فلأنّ المكلّف إذا نظر في نفسه
وجد عليه منافع من الوجود و الحياة و الشّهوة و الحواس، و يعلم أنّها ليست من نفسه،
بل من غيره. فيقول: هذه المنافع الّتي حصلت لي من الغير لا تخلو: إمّا
أن يكون الموصل لها إليّ قصد بها النّفع أو الضّرر؛ فإن قصد النّفع فيكون منعما عليّ،
و شكر المنعم واجب بالضّرورة فيجب عليّ معرفته لأشكره، لأنّ شكر المنعم واجب بضرورة
العقل، و لا أشكره إلّا بعد معرفته، لأنّ الشّكر إنّما يكون شكرا إذا وقع على وجه يليق
بالمشكور، و لو لم يعرفه، لجاز أن لا يليق به فلا يكون شكرا، و اذا لم يشكره جوّز حصول
الضّرر بتركه [1] الشّكر. و إن كان الموصل لها قاصدا للضّرر فيجب عليّ أن أعرفه، لأحترز
من ضرره، لأنّه ما لم أعرفه لا يمكن [2] الاحتراز من ضرره، فيجب عليّ أن أعرف فاعل
هذه المنافع: إمّا لأشكره، أو لأحترز من ضرره، لأنّ الاحتراز من الضّرر واجب أيضا بضرورة
العقل.
و أمّا أنّ كلّما كان دافعا للضّرر فهو واجب؛ فلأنّه ضروريّ،
فثبت وجوب المعرفة، فيجب على المكلّف أن يعرف أنّ له صانعا أوجده.
و الطّريق إلى معرفته: النّظر، الّذي هو الفكر، و هو عبارة
عن ترتيب أمور ذهنيّة يتوصّل بها إلى معرفة شيء آخر.
فقولنا: ترتيب، هو عبارة عن جعل أشياء بحيث يكون لبعضها
إلى بعض نسبة بالتّقدّم و التّأخّر. و قولنا: أمور ذهنيّة، حتّى يخرج عنه ترتيب الامور
الخارجيّة، مثل:
ترتيب الأجسام على ما ذكر. و قولنا: ذهنيّة ليعمّ المعلومة
و المظنونة.
و إنّما قلنا: انّ الطّريق إلى معرفة اللّه تعالى النّظر،
لأنّ الطّريق الّتي يتوصّل [1] «ج»: بترك. [2] «ج»: أتمكّن من.
نام کتاب : الاعتماد في شرح واجب الاعتقاد نویسنده : الفاضل المقداد جلد : 1 صفحه : 48