و روى حديث غضبه من صلح النبي 6 في الحديبية، و اعتراضه عليه مرارا، و عدم قبول حكمه، و قد مر نحوه [2].
152- قال: و ذكر المؤرخون: أن عمر أول من سن قيام رمضان في جماعة، و كتب به إلى البلدان و أول من مسح السواد، و وضع الخراج على الأرض، و الجزية على جماجم أهل الذمة، و أول من دون الدواوين، و كتب الناس على قبائلهم، و فرض لهم الأعطية، و أول من قاسم العمال و شاطرهم أموالهم، و كان يستعمل قوما و يدع أفضل منهم، و هو الذي أخر المقام إلى موضعه اليوم و كان ملصقا بالبيت، و ذكر أحداثا أخر[3].
أقول: لا يخفى ما في هذه الأمور من المخالفة لرسول اللّه 6 و لو كان تابعا له فيها ما أمكن أن يقال: إنه أول من فعلها، و قد روى العامة و الخاصة عن النبي 6 أنه قال: كل بدعة ضلالة، و كل ضلالة سبيلها إلى النار.
153- و روى ابن أبي الحديد عدة أحاديث تدل على أن عليا 7 كان يدعي الخلافة في أيام عمر، و يدعي أن النبي 6 جعلها له و نص عليه بها، و أن ابن عباس كان يوافقه أحيانا، ثم قال ابن أبي الحديد: سألت النقيب أبا جعفر يحيى بن محمد بن أبي زيد و قد قرأت عليه هذه الأخبار، فقلت له: ما أراها إلا تكاد تكون دالة على النص؟ و لكني أستبعد أن تجتمع الصحابة على دفع نص النبي 6، فقال لي: أبيت إلا ميلا إلى المعتزلة، إن القوم لم يكونوا يذهبون في الخلافة إلى أنها من معالم الدين، و لكنهم كانوا يجرونه مجرى الأمور الدنيوية، و ما كانوا يتحاشون في أمثال ذلك من مخالفة نصوصه 7، إذا رأوا المصلحة في غيرها، أ لا ترى كيف نص على إخراج أبي بكر و عمر في جيش أسامة، و لم يخرجا؟
و قد كان رسول اللّه 6 يخالف في أمثال ذلك و هو حيّ (انتهى) ثم ذكر جملة من مخالفاتهم له 6[4].
أقول: لينظر العاقل المنصف في هذا الجواب السخيف، و الفرق الضعيف، و الدعوى الفاسدة، و الأعذار الباردة، و العجب أنهم يعترفون بالنص تارة، و ينكرونه