لقد بعث اللّه نبيه لهداية الناس فعززه بالقرآن، وفيه كل ما يسعدهم ويرقى
بهم إلى مراتب الكمال، وهذا لطف من اللّه لا يختص بقوم دون آخر بل يعم
البشر عامة، وقد شاءت حكمته البالغة أن ينزل قرآنه العظيم على نبيه بلسان
قومه، مع أن تعاليمه عامة، وهدايته شاملة، ولذلك فمن الواجب أن يفهم القرآن
كل أحد ليهتدي به.
ولا شك أن ترجمته مما يعين على ذلك، ولكنه لا بد وأن تتوفر في الترجمة
براعة وإحاطة كاملة باللغة التي ينقل منها القرآن إلى غيرها، لأن الترجمة
مهما كانت متقنة لا تفي بمزايا البلاغة التي امتاز بها القرآن، بل ويجري
ذلك في كل كلام إذ لا يؤمن أن تنتهي الترجمة إلى عكس ما يريد الأصل.
ولا بد-إذن-في ترجمة القرآن من فهمه، وينحصر فهمه في أمور ثلاثة: 1-الظهور اللفظي الذي تفهمه العرب الفصحى.
2-حكم العقل الفطري السليم.
3-ما جاء من المعصوم في تفسيره.
وعلى هذا تتطلب إحاطة المترجم بكل ذلك لينقل منها معنى القرآن إلى لغة اخرى.