بالله ه
والحد الوسط بين الإفراط والتفريط، فالفعل فعل العبد وه وفاعله باختياره،
ولذلك استحق عليه الثواب أ والعقاب، والله سبحانه ه والذي يفيض على العبد
الحياة والقدرة وغيرهما من مبادئ الفعل إفاضة مستمرة غير منقطعة، فلا
استقلال للعبد، ولا تصرف له في سلطان المولى، وقد أوضحنا هذا في بحثنا عن
إعجاز القرآن{1}.
هذه هي الاستعانة المنحصرة بالله تعالى، فل ولا الإفاضة الإلهية لما وجد
فعل من الأفعال ول وتظاهرت الجن والإنس على إيجاده، فإن الممكن غير مستقل
في وجوده، فيستحيل أن يكون مستقلا في إيجاده، وبما ذكرناه يظهر الوجه في
تأخير جملة: { إِيََّاكَ نَسْتَعِينُ } عن قوله: { إِيََّاكَ نَعْبُدُ } فإنه
تعالى حصر العبادة بذاته أولا، فالمؤمنون لا يعبدون إلا الله، ثم أبان لهم
أن عباداتهم إنما تصدر عنهم بعون الله وإقداره، فالعبد رهين إفاضة الله
ومشيئته، والله أولى بحسنات العبد من نفسه، كما أن العبد أولى بسيئاته من
الله{2}.