لا ينبغي الاشكال في أن مقتضى أدلة الاستصحاب هو اعتبار اليقين والشك
الفعلي، فانّ الأدلة المتكفلة لبيان الأحكام الواقعية أو الظاهرية واردة
بنحو القضية الحقيقية التي يحكم فيها على تقدير وجود الموضوع، فلو دل دليل
على أنّ الخمر حرام، مفاده أنّ الحرمة ثابتة للخمر الفعلي، ولا يدل على
حرمة شيء لا يكون خمراً بالفعل وإن كان إذا غلا يكون خمراً.
وكذا لو دل دليل على وجوب تقليد العالم مثلاً، فمعناه وجوب تقليد العالم
بالفعل لا تقليد من يكون له استعداد العلم بحيث لو تعلّم يصير عالماً كما
هو واضح، فلا بدّ في جريان الاستصحاب من اليقين والشك الفعلي، إذ لو اُجري
الاستصحاب مع الشك التقديري لكان جارياً مع عدم الشك، وهو خلف، لكون موضوعه
اليقين والشك.
وفرّع الشيخ{1} (قدس سره) على اعتبار اليقين والشك الفعلي في جريان الاستصحاب فرعين، وتبعه صاحب الكفاية (قدس سره){2}. الفرع الأوّل: أ نّه لو كان أحد محدثاً فغفل وصلّى
ثمّ شك في أ نّه تطهّر قبل الصلاة أم لا، فيجري استصحاب الحدث بالنسبة إلى
الأعمال الآتية، وأمّا بالنسبة إلى الصلاة التي أتى بها فلا يجري استصحاب
الحدث، لأنّه كان غافلاً قبل الصلاة ولم يكن له الشك الفعلي حتى تكون صلاته
واقعة مع الحدث