عوامل عديدة: منها: علوّ مرتبة بعض أفراد الماهية على نحو يوجب
انصرافها عنه عرفاً، ومن ذلك لفظ الحيوان فانّه موضوع لغةً لمطلق ما له
الحياة فيكون معناه اللغوي جامعاً بين الانسان وغيره، إلّاأ نّه في الاطلاق
العرفي ينصرف عن الانسان.
ومن هنا ذكرنا {1}أنّ المتفاهم
العرفي من مثل قوله (عليه السلام): «لا تصلّ فيما لا يؤكل لحمه» هو خصوص
الحيوان في مقابل الانسان، فلا مانع من الصلاة في شعر الانسان ونحوه. وكيف
كان فلا شبهة في هذا الانصراف بنظر العرف، ولايمكن التمسك بالاطلاق في مثل
ذلك، لفرض أنّ الخصوصية المزبورة مانعة عن ظهور المطلق في الاطلاق وتكون
بمنزلة القرينة المتصلة التي تمنع عن انعقاد ظهوره فيه. ومنها: دنوّ مرتبة بعض أفرادها على نحو يكون صدقها
عليه مورداً للشك كصدق الماء على ماء الكبريت أو ما شاكله، ففي مثل ذلك لا
يمكن التمسك بالاطلاق أيضاً، وذلك لأنّ المعتبر في التمسك به هو أن يكون
صدق المطلق على الفرد المشكوك فيه محرزاً، والشك إنّما كان من ناحية اُخرى.
وأمّا فيما إذا لم يكن أصل الصدق محرزاً فلا يمكن التمسك به، وما نحن فيه
من هذا القبيل حيث إنّ أصل الصدق مشكوك فيه فلايمكن التمسك باطلاق لفظ
الماء بالاضافة إلى ماء الكبريت أو نحوه، غاية الأمر أنّ الأوّل من قبيل
احتفاف الكلام بالقرينة المتصلة، والثاني من قبيل احتفافه بما يصلح
للقرينية، ولكنّهما يشتركان في نقطة واحدة، وهي المنع عن انعقاد ظهور
المطلق في الاطلاق .