إلى
الثالث إلى أن ينتهي إلى من تلفت عنده العين وهو لا يرجع إلى أحد ، وقد
استشكل هناك بأنّ المال الواحد كيف يضمنه الأشخاص المتعدّون ، فإنّ الضمان
بمعنى اشتغال الذمّة بالمال ، فمثل خمسة قرانات كيف يثبت في ذمّة أشخاص
متعدّدة لأنّ معناه أنّ ذمّة هذا الشخص مشغولة بخمسة قرانات وذمّة الثاني
أيضاً مشغولة بها مع أنّ المال ليس إلّاخمسة قرانات ، ولكن صحّحناه في
محلّه على نحو الواجب الكفائي بناء على جريانه في الأحكام الوضعية أيضاً ،
فذمّة أحدهم إذا فرغت تفرغ ذمم الباقين أيضاً .
إلّا أنه يقع الإشكال بعد ذلك في أنه لماذا يرجع من استفرغ ذمّته بأدائه
إلى الثاني والثاني إلى الثالث وهكذا ، وقد أجبنا عن ذلك أيضاً بأنّ المال
بعد أداء قيمته أو مثله ينتقل إلى ملك ذلك المؤدّي للسيرة العقلائية
المرتكزة عندهم ، فإنه إذا أتلف فراش الغير تكون الأجزاء الصغار المتبقّية
ملكاً للمتلف بعد أداء بدل الفراش ولأجله ذكرنا أنّ قاعدة الحيلولة ممّا لا
أساس له ، بل المال ينتقل إلى الضامن بأداء قيمته ، وإن ذهب شيخنا
الأنصاري (قدّس سرّه) إلى أنّ المالك له مطالبة المال أيضاً بعد أخذ قيمته ،
وعلى ذلك فالضامن الأوّل الذي رجع إليه المالك إذا أدّى قيمته فينتقل إليه
المال ويصير مالكاً له لا محالة ، وبما أنّ الثاني أيضاً ضمن هذا المال
ووضع يده عليه فللمالك الفعلي أعني الضامن الأول أن يرجع إليه بقيمته ،
وإذا أدّى الثاني قيمته للأوّل قد دخل المال في ملكه وهو أيضاً يرجع إلى
المتصرّف الثالث وهكذا إلى أن ينتهي الأمر إلى من تلفت عنده العين ، وبما
أنّ العين غير موجودة تنتقل إلى ملك غيره بأخذ قيمتها فلا يمكنه الرجوع إلى
الغير في ذلك ولعلّه ظاهر .
فإذا عرفت ذلك تعلم أنّ المالك إذا رجع على البائع بالعين ومنافعها فينتقل
المال إلى البائع بأداء قيمته لا محالة ، وهل له أن يرجع على المشتري بعد
ما دخل المال في ملكه كما في الأيادي المتعاقبة على ما عرفت أو لا ؟ الظاهر
أنه لا يرجع على