والكلام في ذلك يقع في جهات ثلاث: الجهة الاُولى: في أصل ذلك ، ولا ينبغي الإشكال
في أنّ البائع يعتبر قوله وإخباره عن كيل المبيع ووزنه ، لدلالة الروايات
المتقدّمة على تصديق البائع في إخباره وجواز تصديقه ، والاكتفاء به عن
الكيل والوزن ممّا لا يعتريه ريب . وأمّا ما ربما يتوهّم من ذيل صحيحة
الحلبي المتقدّمة من منعه (عليه السلام) عن تصديق البائع في إخباره ، فقد
تقدّم دفعه وأنّه (عليه السلام) إنّما منعه عن تصديقه من أجل أنّ إخباره
كان مستنداً إلى حدسه ونظره لا إلى حسّه وكيله ووزنه ، والروايات إنّما
تدلّ على أنّ إخباره عن حسّه كما إذا كاله أو وزنه بنفسه ثمّ أخبر به
المشتري ممّا يمكن الاكتفاء به لا مطلقاً ولو كان إخباره مستنداً إلى حدسه
ونظره ، وهذا ظاهر . الجهة الثانية: في أنّ إخبار البائع وقبول قوله
هل أنّه من جهة الموضوعية في إخباره بأن يعتبر الشارع في بيع المكيل
والموزون أحد الأمرين الكيل والوزن أو إخبار البائع بهما ولو كان البائع
فاسقاً مشتهراً بالكذب في أقواله وأخباره ، أو أنّه من جهة الطريقية إلى
وزنه أو كيله فلابدّ وأن يكون المخبر ثقة أو يحصل الاطمئنان بخبره وإلّا
فلا يصغى إلى إخباره بل لابدّ من كيله أو وزنه ، أو أنّه لا ذاك ولا هذا بل
من أجل أنّ إخباره بمنزلة الاشتراط على أنّه بذاك المقدار وبما أنّه يوجب
انتفاء الغرر عن المشتري إذ له أن يفسخ المعاملة على تقدير عدم كونه بهذا
المقدار فلذا كان موجباً لصحّة البيع من دون اعتبار شيء من الكيل أو الوزن
فيه ؟
الصحيح هو الثاني من الاحتمالات ، لأنّ احتمال الموضوعية في الإخبار بعيد بل قد دلّت الروايات{1} على أنّه إذا ائتمنك فلا مانع من أن يشتريه بلا كيل أو إذا