المعاطاة عبارة عن إعطاء شيء وأخذ شيء آخر كإعطاء الفلوس وأخذ الخبز وهي
الغالب في المعاملات سيّما في الأموال اليسيرة. وقد وقع الكلام في أنّها
تفيد الملك أو الاباحة، وقبل الورود في تحقيق المقال لابدّ من تقديم مقدّمة
أشار إليها شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه){1}
وهي أنّ الاعطاء لمّا كان من الأفعال الاختيارية الصادرة بالارادة
والاختيار لم يكن يخلو عن قصد لا محالة نظير غيره من سائر الأفعال الصادرة
بالاختيار، وحينئذٍ فإن كان قصده باعطاء المال بقاءه عند الشخص من دون أن
يجوز له التصرّف فيه ولا يخرج عن ملكه فهذا يكون وديعة لا محالة، غاية
الأمر أنّها وديعة فعلية ويتوقّف صحّتها على عدم اعتبار الصيغة في الوديعة،
وإن كان قصده بالاعطاء تحليل الانتفاع به مع بقائه في ملك نفسه فهو عارية
لا يترتّب عليه التمليك أبداً، كما أنّه إذا قصد به إباحة جميع التصرّفات
حتّى التصرّفات المتلفة للعين من دون تمليك كان إباحة التصرّف كما في تقديم
الطعام إلى الضيف. وأمّا إذا كان قصده به تمليك منافع المال للآخذ مع بقاء
عينه في ملكه فهو إجارة، كما أنّه إذا كان قصده تمليك عين المال للآخذ فإن
كان بلا عوض فهو هبة وأمّا إذا كان مع العوض فهو لا محالة بيع، لما ذكرناه
سابقاً من أنّ