وهل يجري فيها أحكام البيع من الخيار ونحوه أو لا ؟
نقول: إن كان الخيار حقّاً متعلّقاً بردّ العين فلا ينبغي الريب في عدم
ثبوته فيها لانتفاء موضوعه، لأنّ العين لم تخرج عن ملك مالكها ولم يحصل
النقل والانتقال وإنّما اُبيح التصرّف فيها شرعاً. وإن كان الخيار بمعنى
ملك فسخ العقد فالظاهر ثبوته فيها، لما بيّنا من أنّها بيع عرفاً وشرعاً،
غاية الأمر توقّف تأثيره في الملك على حصول أحد الملزمات، فتعمّها أدلّة
الخيار، إذ لا يشترط في ثبوته التأثير الفعلي للبيع، بل تكفي قابليته
للتأثير، وأثر الخيار حينئذ التمكّن من رفع تلك القابلية، فإذا أمضى
المعاطاة وأسقط خياره ترتّب عليه إباحة التصرف فعلاً والملك بعد التصرف،
وإذا فسخها انتفت الاباحة بانحلال موضوعها وهو المعاطاة ولا يحصل الملك بعد
التصرف. ونظير ذلك بيع الصرف قبل القبض، فإنّه تشمله أدلّة الخيار مع عدم
فعلية تأثيره في الملك لتوقّفه على القبض، فإذا أسقط الخيار وجب الاقباض
وترتّب عليه الملك، وإذا فسخ العقد سقط عن قابلية التأثير بعد الاقباض .
فالمتحصّل من جميع ذلك: أنّ الخيارات تجري في جميع أقسام المعاطاة إلّافي
القسم الأوّل منها وهو صورة قصد الاباحة بالمعاطاة المفيدة للاباحة أيضاً .
التنبيه الثاني
فيما يحصل به المعاطاة، لا يخفى أنّ المقدار المتيقّن من مورد المعاطاة
الاعطاء والأخذ من جانبين كما هو معنى المعاطاة بحسب مفهومها لغة{1}
لأنّها من المفاعلة وهي فعل اثنين، إلّاأنّ لفظة المعاطاة بما أنّها غير
واردة في شيء من الكتاب والروايات فلذا لا نقتصر على ما هو معناها لغة .