بل إنّ ظاهر هذه النصوص الوجوب، ومن هنا نُسِبَ القول به إلى المفيد{1}و إن لم تثبت النسبة، إذ قد حمل الشيخ كلامه على الاستحباب، وهو أعرف بمراده من غيره.
و كيفما كان، فلا ينبغي الإشكال في عدم الوجوب وإن تعاطاه ظواهر هذه
الأخبار، وذلك لجملةٍ أُخرى من الروايات دلّت على عدم وجوب الزكاة في مال
التجارة، وهي وإن كان موردها إلّا ما شذّ غير اليتيم إلّا أنّا لا نحتمل أن
يكون اليتيم أشدّ حالاً من البالغ، فإذا لم يثبت فيه بمقتضى هذه النصوص لم
يثبت في اليتيم بطريقٍ أولى.
على أنّ الزكاة من مباني الإسلام، فهو ممّا لو كان لبان وكان من الواضحات،
فكيف لم يُنسَب القول بالوجوب إلى أحدٍ ما عدا المفيد الذي عرفت حال هذه
النسبة أيضاً؟! فلا ينبغي التأمّل في حمل تلك الأخبار على الاستحباب، ولا
ضير في الالتزام به وإن أنكرنا الاستحباب فيما لا يتّجر به من غلّات الصبي،
للفرق الواضح بين المالين حتى ثبوتاً فضلاً عن الفارق الإثباتي، بلحاظ
قيام الدليل وعدمه كما عرفت، فإنّ ما يتّجر به مالٌ تعلّق باليتيم وحصل له
من غير أن يعمل فيه كما لو ملكه بسبب الإرث مثلاً فلا تستحبّ فيه الزكاة،
وهذا بخلاف ما اتّجر فيه، فإنّ الربح العائد إنّما حصل بفعل الولي، وهو
الذي تسبّب إلى تحصيله تبرّعاً ومن غير أن يكون واجباً عليه، فلا مانع
حينئذٍ من الأمر بالزكاة استحباباً وإبقاء الباقي للصبي. و على الجملة: فأصل الاستحباب ممّا لا إشكال فيه من غير فرقٍ بين اليتيم والبالغ.