و أمّا مع عدم المنافاة وعدم الإيذاء فلا يعتبر إذنهم وإن كان أحوط[1]خصوصاً بالنسبة إلى الزوج والولد.
_______________________________
يتأذّى منه رقيبه لمزاحمته له في جلب المشتري بطبيعة الحال، أو من يعمر
داراً ويشيّد قصراً يتأذّى بذلك جاره لحسد أو رقابة ونحو ذلك من غير أن
يكون من قصده الإيذاء وإنّما هو قاصد للتجارة أو العمارة ليس إلّا، فإنّ
هذا جائز بلا إشكال وإن ترتّب عليه الإيذاء المزبور.
و هل الحال كذلك بالإضافة إلى الوالدين أيضاً، كما لو أراد الولد أن يتزوّج
بامرأة ولكن الاُمّ تتأذّى لعدم تلاؤم أخلاقها معها خصوصاً أو عموماً، أو
أنّه أراد أن يتصدّى لتحصيل العلوم الدينيّة والأب يتأذّى لرغبته في تحصيل
العلوم الحديثة كما يتّفق ذلك في هذه الأزمنة كثيراً، فهل يحرم مثل هذا
الإيذاء؟ الظاهر العدم كما في غير الوالدين حسبما عرفت، لعدم الدليل على
ذلك بوجه، وإنّما الواجب المعاشرة الحسنة والمصاحبة بالمعروف على ما نطقت
به الآية الكريمة وغيرها، مثل: أن لا يجادل معهما في القول ولا يقول لهما:
أُفّ، وأمّا ارتكاب عمل عائد إلى شأنٍ من شؤون نفسه وإن ترتّب عليه
إيذاؤهما من غير أن يكون ذلك من قصده فلم تثبت حرمته بدليل. إذن لا مانع من
الاعتكاف وإن ترتّب عليه إيذاؤهما بالمخالفة للأمر والنهي الصادرين من
أحدهما وإن كان ذلك بداعي العطف والشفقة.
نعم، تستحبّ إطاعتهما من باب البرّ إليهما والإحسان. وحينئذٍ تقع
المزاحمة