و أمّا الجهة الثالثة: فربّما يقال بأنّ مورد تشريع القنوت في الركعة الأُولى في جملة من النصوص المتقدِّمة كموثقة سماعة{1}و صحيحتي معاوية وزرارة{2}إنّما
هو الإمام، والإطلاق في غيرها منزّل عليه لانصرافه إليه ولو بمعونة ما
عرفت فلا دليل على شمول الحكم للمأمومين، بل عليهم القنوت في الركعة
الثانية فقط كما في سائر الصلوات. و يندفع أوّلاً: بأنّ لزوم متابعة المأموم للإمام
في كافة الأفعال ومنها القنوت حتّى فيما إذا لم يكن وظيفة له كما لو ائتم
في الركعة الثانية من سائر الصلوات فضلاً عن المقام أمر مغروس في الأفهام
ومرتكز في أذهان عامّة المتشرِّعة كما يشير إليه قوله(عليه السلام): «إنّما
جعل الإمام إماماً ليؤتم به»{3}، فدليل التشريع في الإمام يغني عن التنبيه عليه في المأموم، اعتماداً على تلك الملازمة المغروسة والمتابعة المرتكزة. و ثانياً: أنّ المراد بالإمام في تلك النصوص ما
يقابل المنفرد المذكور في ذيلها، لا ما يقابل المأموم، فلا يراد به وصفه
العنواني وبما هو إمام، بل بما هو مقيم لصلاة الجمعة إيعازاً إلى أنّ هذه
الماهية من الصلاة المتقوّمة بالجماعة تفارق صلاة المنفرد في اختصاصها
بقنوت آخر في الركعة الاُولى من غير فرق في ذلك بين الإمام والمأموم. و ثالثاً: مع التنازل عن كل ذلك فيكفينا في شمول الحكم للمأموم إطلاق