المذكورة في المقام فلا يستكشف به قول المعصوم(عليه السّلام)بوجه.
و منها: أن الشارع قد جعل البينة حجة في موارد الترافع والخصومات وقدّمها
على غير الإقرار من معارضاتها، وإذا ثبتت حجية شيء في موارد القضاء مع ما
فيها من المعارضات، ثبتت حجيته في سائر الموارد مما ليس لها معارض فيه
بطريق أولى.
و يرد عليه: أن الدعوى والخصومة مما لا مناص من حلّه بشيء، لأن بقاء
الترافع بحاله ينجر إلى اختلال النظام فما به ترتفع المخاصمات لا يلزم أن
يكون حجة حتى في غير المرافعات، ومن هنا أن اليمين تفصل بها الخصومة شرعاً
ولا تعتبر في غير المرافعات فالأولوية لا تبتني على أساس صحيح.
و منها: موثقة مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللََّه(عليه السّلام)قال: سمعته
يقول: «كل شيء هو لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك وذلك
مثل الثوب يكون عليك قد اشتريته وهو سرقة، أو المملوك عندك ولعلّه حرّ قد
باع نفسه أو خدع فبيع قهراً، أو امرأة تحتك وهي أُختك أو رضيعتك والأشياء
كلّها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة»{1}.
لدلالتها على أن اليد في مثل الثوب والمملوك وأصالة عدم تحقق النسب أو
الرضاع في المرأة، حجة معتبرة لا بدّ من العمل على طبقها إلّا أن يعلم أو
تقوم البينة على الخلاف. إذن يستفاد منها أن البينة حجة شرعية في إثبات
الموضوعات المذكورة في الموثقة، وبما أن كلمة«الأشياء» من الجمع المحلى
باللّام وهو من أداة العموم، ولا سيما مع التأكيد بكلمة«كلها» فنتعدى عنها
إلى بقية الموضوعات الّتي يترتب لها أحكام ومنها الاجتهاد والأعلمية.
و حيث إن مورد الموثقة هو الموضوعات الخارجية لا يصغي إلى دعوى أن الموثقة
إنما دلت على اعتبار البينة في الأحكام فلا يثبت بها حجيتها في الموضوعات،
فالموثقة تدلنا على حجية البينة في الموضوعات مطلقاً. ويؤيدها رواية عبد
اللََّه بن سليمان عن أبي عبد اللََّه(عليه السّلام)في الجبن قال: «كل شيء
لك حلال حتى يجيئك شاهدان يشهدان أن فيه ميتة»{2}.
و حيث إن سندها غير قابل للاعتماد عليه جعلناها مؤيدة للموثقة، هذا.
{1}وسائل الشيعة 17: 89/ أبواب ما يكتسب به ب 4 ح 4.
{2}وسائل الشيعة 25: 118/ أبواب الأطعمة المباحة ب 61 ح 2.