وقد قصدت في هذا الكتاب من الاختصار على متون الأخبار ، وعدلت عن الإطالة والإكثار والاحتجاج من الظواهر والاستدلال على فحواها ومعناها ، وحذفت أسانيدها لشهرتها ولإشارتي إلى رواتها وطرقها والكتب المنتزعة منها ، لتخرج بذلك عن حدّ المراسيل ، وتلحق بباب المسندات ، وربّما تتداخل الأخبار بعضها في بعض ، أو نختصر منها موضع الحاجة ، أو نختار ما هو أقلّ لفظاً ، أو جاءت غريبة من مظانّ بعيدة ، أو وردت مفردة محتاجة إلى التأويل :
فمنها : ما وافقه القرآن ، ومنها : ما رواه خلق كثير حتّى صار علماً ضروريّاً يلزمهم العمل به ، ومنها : ما بقيت آثارها رواية أو سمعاً ، ومنها : ما نطقت به الشعراء والشعرورة لتبذلها ، فظهرت مناقب أهل البيت (عليهم السلام) بإجماع موافقيهم ، وإجماعهم حجّة على ما ذكر في غير موضع ، واشتهرت على ألسنة مخالفيهم على وجه الاضطرار ، ولا يقدرون على الإنكار على ما أنطق الله به رواتهم ، وأجراها على أفواه ثقاتهم ، مع تواتر الشيعة بها ، وذلك خرق العادة وعظة لمن تذكّر ، فصارت الشيعة موفّقة لما نقلته ميسّرة ، والناصبة مخيّبة فيما حملته مسخرة ، لنقل هذه الفرقة ما هو دليل لها في دينها ، وحمل تلك ما هو حجّة لخصمها دونها ، وهذا كاف لمن ألقى السمع وهو شهيد ، وإنّ هذا لهو البلاء المبين ، وتذكرة للمتذكّر ، ولطف من الله تعالى للعالمين[1]) .
وقد قال قبل ذلك في سبب نقله من كتب أهل السنّة : وأنصر الحقّ وأتّبعه ، وأُقهر الباطل وأَقمعه ، وأُظهر ما كتموا ، وأَجمع ما فرّقوا ، وأذكر ما أجمعوا عليه واختلفوا فيه على ما أدّته الرواية ، وأُشير إلى ما روته الخاصّة