استخلافي إياكم هل تكونون خَلَف صدق أو خَلَف سوء)[1].

وهذا القرن بين الكتاب والعترة، وجعلهما عدلي الميزان في تحقيق الهداية بنفسه يثبت لأهل البيت كل ما ثبت للقرآن، وبما أننا ملزمون باتّباع القرآن وطاعته والتمسك به، فكذا يثبت ذلك للعترة شأنهم في ذلك شأن الكتاب بحكم العدلية المشار إليها.

وفي العودة إلى ألفاظ الحديث نجد أنّها تلزمنا بالتمسك بالعترة، صراحة حيث قال: ( ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا)، وكذا أثبت لهم الإمامة، حيث وصفهم بلفظ ( إنّي تركت فيكم خليفتين)، والذي تركهم هو رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فهم إذن خلفاؤه (صلى الله عليه وآله). وكذا أثبت عصمتهم حيث قال: ( لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض) وعدم افتراقهما فيه دلالتان عظيمتان.

الأولى: إنّ العترة لا يصدر منها ما يخالف القرآن، وإلاّ لحصل الافتراق، ومعلوم أنّ القرآن كله هدًى واستقامة، وعليه فما يصدر من أهل البيت من قول وفعل، كلّه هدًى واستقامة، وهذه هي العصمة.

والثانية: إنّ عدم افتراقهما يدل على عدم خلو الأرض من العترة النبوية، فطالما القرآن موجود، وهو كذلك حتى قيام الساعة، فيرد على النبيّ (صلى الله عليه وآله) عند الحوض، كذلك في العترة لابدّ من وجود أحدهم حتى قيام الساعة فيرد على النبيّ عند الحوض، وإلاّ سيحصل الافتراق المنفي في الحديث، وكذلك فإنّ الحديث أمرنا بالتمسك بالعترة، ولكي يتحقق هذا الأمر لابد من وجود أحدهم يتمسك به، وفي هذا المعنى يقول السمهودي: ( إنّ ذلك يُفْهَمُ وجود من يكون أهلاً للتمسك به من أهل البيت والعترة الطاهرة في كل زمان

[1] سعادة الدارين في شرح حديث الثقلين، عبد العزيز الدهلوي، ترجمة وتعليق محمود الآلوسي: ص512 منشور في مجلة الحكمة العدد 20 شوال 1420هـ (بريطانيا ـ ليدز).