فهذه العقيدة، قد أفتى (السلفيون) بكفر من خالفها كما سيأتي بيانه، وهي لها في نفس الوقت جذور يهودية في نفس المصادر الّتي يعتمد عليها (السلفية) ويأخذون دينهم عنها، وأبرز تلك الجذور هو كعب الأحبار الّذي كان يقول: ((إنّ الله قسّم رؤيته وكلامه بين محمّد وموسى فكلّم موسى مرّتين ورآه محمّد مرّتين))[1].
وقد أنكر كبار الصحابة هذه الدعوى على كعب، وفي هذا روى البخاري عن مسروق قال: ((قلت لعائشة(رضي الله عنها)يا أمتاه هل رأى محمّد(صلى الله عليه وآله) ربّه؟ فقالت: لقد قفّ شعري ممّا قلت، أين أنت من ثلاث من حدّثكهنّ فقد كذب، من حدّثك أنّ محمداً(صلى الله عليه وآله) رأى ربّه فقد كذب, ثمّ قرأت: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[2]، {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}[3]، ومن حدّثك أنّه يعلم ما في غد فقد كذّب, ثمّ قرأت: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً}[4]. ومن حدّثك أنّه كتم فقد كذب, ثمّ قرأت: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}[5] الآية. ولكنه رأى جبرئيل(عليه السلام) في صورته مرّتين))[6].
وهذه الروايات قد ذكرها أيضاً الترمذي في سياق ردّ عائشة المباشر على كلام كعب المتقدّم[7]، فليراجع ثمة.
[1] أُنظر سنن الترمذي 5: 68، المستدرك على الصحيحين 2: 629 صححه، ووافقه الذهبي على شرط مسلم، تفسير القرطبي 7: 56، تفسير ابن كثير 4: 268، الشفا بتعريف حقوق المصطفى 1: 196.