أمّا دعوى سيف بن عمر بأنّ ابن سبأ وضع الرجعة، وأنّه قال ـــ حسبما رواه الطبري فيما تقدّم ذكره ـ : لعجب فيمن يزعم أنّ عيسى يرجع، ويكذّب بأنّ محمّداً يرجع، وقد قال الله(عزوجل): {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ}[1].. الخ.
نقول: إنّ هذه دعوى باطلة، يدحضها القرآن الكريم والأحاديث الشريفة، فالرجعة الّتي تعني رجوع قوم في آخر الزمان إلى الدنيا بعد موتهم، وحياتهم حياة ثانية، إلى أن يموتوا أو يقتلوا حسب مشيئته سبحانه، قد دلّ عليها القرآن الكريم في آيات صريحة، وكذلك أشارت إلى ترقّب حصولها في أمّة الإسلام أحاديث نبوية شريفة، الأمر الذي تضافر نقله عند الشيعة الإمامية بالأسانيد الصحيحة الواردة عن أئمّتهم المعصومين(عليهم السلام) حول رجوع قوم إلى الحياة الدنيا عند قيام الإمام المهدي(عليه السلام).
وهنا قبل أن نذكر بعض الآيات الدالة على خصوص الرجعة عند المسلمين، يمكن أن نذكر شيئاً عما ورد ذكره في القرآن الكريم عن اُناس من الأمم قبل الإسلام كانوا قد طواهم الموت ثمّ عادوا إلى الحياة الدنيا مرّة أخرى ورجعوا إليها.
قال تعالى في سورة (البقرة): {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ}[2].
والآية واضحة وصريحة في عودة هؤلاء الألوف إلى الحياة الدنيا بعد أن قال لهم الله سبحانه: {مُوتُوا} , {ثُمَّ أَحْيَاهُمْ}..[3].
[3] ومن شاء فليراجع تفسير الآية الكريمة في: جامع أحكام القرآن للقرطبي 3: 230، تفسير الطبري 2: 585، الدر المنثور 1: 741، زاد المسير 1: 287، معاني القرآن للنحاس 1: 244، المستدرك على الصحيحين 2: 309.