فقد أخرج الطبري نفسه في تاريخه بسنده عن أمير المؤمنين(عليه السلام) أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) قال يوم الدار: (يا بني عبد المطلب إنّي والله ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم به، إنّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم، فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟) قال: فأحجم القوم عنها جميعاً. وقلت وإنّي لأحدثهم سناً وأرمصهم عيناً وأعظمهم بطناً وأحمشهم ساقاً: أنا يا نبيّ الله أكون وزيرك عليه. فأخذ برقبتي ثمّ قال: (إنَّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا)[1].
وهذه الرواية يرويها الطبري بالسند التالي: حدّثنا ابن حميد قال: حدّثنا سلمة قال: حدّثني محمّد بن إسحاق عن عبد الغفار بن القاسم عن المنهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب عن عبد الله بن عباس عن عليّ بن أبي طالب، قال: ((لمّا نزلت هذه الآية على رسول الله(صلى الله عليه وآله): {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}[2] دعاني رسول الله(صلى الله عليه وآله)... (الرواية))).
وكما ترى، فهذه الرواية لا يوجد في سندها ومتنها عبد الله بن سبأ، المدّعى بأنّه أوّل من قال بالوصية لعليّ بن أبي طالب(عليه السلام) حسب سيف بن عمر التميمي، بل بحسب هذه الرواية أنّ أوّل من قال بالوصية لعليّ(عليه السلام) هو النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله) وفي بداية الدعوة الإسلامية، لأنّ آية الإنذار المتقدّمة قد نزلت في أوّل الدعوة بالاتفاق.
وقد أرسل ابن الأثير في كامله هذا الحديث وبهذا المضمون إرسال المسلّمات عند ذكر أمر الله لنبيّه(صلى الله عليه وآله) بإظهار دعوته[3].