نام کتاب : مختصر الصلاة البتراء نویسنده : المدني، محمد هاشم جلد : 1 صفحه : 287
ما وصل إليه أبوبكر في الدولة الأُموية
استطاع أبو بكر أن يصل إلى مراتب عالية في الدولة الأموية، فقد جمع سلطات عديدة لم يسبقه إلى جمعها أحد فكان حقاً رجل الدولة المميز، ومن نخبها السياسية والفكرية الأُولى، فقد تولّى لهم قضاء المدينة، ومن ثم ولاية المدينة، وإمارة الموسم، وفي ذلك يقول مالك بن أنس: >ولا رأيت مثل ما أوتي [أبو بكر بن حزم] ولاية المدينة والقضاء والموسم"[1]. ولم يكن هذا الرجل ثقة الأُمويين على المستوى السياسي وبناء الدولة فحسب ، بل كان ثقتهم ومعتمدهم على المستوى الفكري والعقائدي أيضاً، وقد عكس ذلك بشكل واضح اختيار عمر بن عبدالعزيز له في مهمة تدوين السنّة بعد حظر استمر لمدة قرن من الزمان، وهي مهمة خطيرة جداً لا ينهض بها إلاّ العارفون والمؤمنون بالنهج الأموي نظراً لما تحمله هذه المهمّة من حساسية وصعوبة لا تخفى، وهذا ما يستظهر من تأكيد عمر بن عبد العزيز في أخذ الحديث عن قناة محددة[2]، ليضمن بذلك نوعية الحديث الذي سيدوّن؛ ليحافظ على الغاية التي من أجلها مُنع تدوين السنة، وهذا النوع من الحديث الذي يريده عمر بن عبد العزيز لا يعرفه إلاّ الخواص أمثال أبي بكر؛ لذلك أوكل إليه هذه المهمة، مع علمه بوجود من هو أكفأ منه في ميدان رواية الحديث.